كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

كما خفيت على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والحجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ((كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ، وَالدَّقِيقِ، الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ)).
قوله: ((كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ)): يقال: بالقُبضة، ويقال: بالقَبضة، أي: يعطي المرأة أجرة نكاحها إلى أجل، يوم، أو يومين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو أسبوع، حتى نهى عنه عمر رضي الله عنه، أي: أظهر النهي، ومنع، وأدَّب مَن فعل ذلك، وقد فعله بعض من لم يعلم بالتحريم، أو لم يلتزمه، فألزمهم بترك المتعة، وإلا فالناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ- يَعْنِي: ابْنَ زِيَادٍ- عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: ((كُنْتُ عَنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَتَاهُ آتٍ، فقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ، فقَالَ جَابِرٌ: فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَمْ نَعُدْ لَهُمَا)).
قوله: ((اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ))، أي: في متعة الحج ومتعة النساء، ومتعة الحج بأن يحرم بالعمرة، ثم يحرم بالحج من عامه، والمتعة الثانية هي: متعة النساء، وقوله: ((فعلناها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نهانا عن ذلك عمر))، فيه دليل على أن جابرًا رضي الله عنه قد خفي عليه التحريم.

الصفحة 14