كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ- أَوَ قَالَ: سَبْعَ- فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا، فقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا جَابِرُ، تَزَوَّجْتَ؟ ))، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَبِكْرٌ، أَمْ ثَيِّبٌ؟ ))، قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ((فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ- أَوَ قَالَ: تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ-))، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ- أَوْ: سَبْعَ- وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ- أَوْ: أَجِيئَهُنَّ- بِمِثْلِهِنَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ، قَالَ: ((فَبَارَكَ اللهُ لَكَ)) - أَوَ قَالَ لِي: ((خَيْرًا)).
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الرَّبِيعِ: ((تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ)).
[خ: ٥٣٦٧]
قوله: ((فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ)) فيه: استحباب الزواج بالبكر، وهو أفضل، إلا لمصلحة تتعلق بزواج الثيب، كما هو الشأن مع جابر رضي الله عنه.
وقوله: ((إِنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ- أَوْ: سَبْعَ)) هو عبد الله بن حرام والد جابر رضي الله عنهما؛ وهلك، يعني: مات، وترك لجابر تسع أخوات، وقد اعتنى جابر بأخواته، فتزوج ثيبًا؛ لتقوم بشؤونهن.
وفي هذا الحديث: دليل على خدمة المرأة لزوجها ولأقاربه، وأن المرأة لها أن تخدم زوجها وتخدم أقاربه، وهذا من حسن العشرة ومن حسن الخلق.
وقوله: ((وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ- أَوْ: أَجِيئَهُنَّ- بِمِثْلِهِنَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ، قَالَ: فَبَارَكَ اللهُ لَكَ- أَوَ قَالَ لِي: خَيْرًا))، يعني: كرهت أن آتيهن بجارية صغيرة مثلهن، لكن أتيتهن بامرأة كبيرة خبرت الأمور وجربت؛ لتصبر على خدمتهن، ورعايتهن.

الصفحة 143