كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

الخير، بل عليه أن يكفر كفارة يمين، ويعمل الخير؛ كما ثبت في الحديث الصحيح عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((وَاللَّهِ لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ)) (¬١)، وكما قال عليه الصلاة والسلام: ((وَإِنِّي- وَاللَّهِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، أَوْ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي)) (¬٢)، وفي لفظ: ((إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا)) (¬٣).
أما إذا حرَّم الزوجةَ ففيه تفصيل؛ فإما أن يقيد، أو لا يقيد، فإن قيد كأن قال: هي حرام عليَّ إن فعلت كذا؛ أو قال: أنتِ حرام إن كلمتِ فلانًا، أو دخلتِ بيت فلان، أو أكلتِ الطعام الفلاني؛ هذه يمين مكفَّرة عند شيخ الإسلام ابنِ تيميةَ رحمه الله وجمعٍ من أهل العلم (¬٤).
وعند الأئمة الأربعة: يقع الطلاق إذا فعلت ما علق عليه، وحكمها حكم الطلاق (¬٥).
وقال شيخنا ابن باز بالتفصيل: فإذا كان المقصود بهذا القيد الحث، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب، وليس المقصود إيقاع الطلاق، فهو في حكم اليمين، وإن أراد به الطلاق فيقع طلاقًا (¬٦).
أما إذا أطلق، وقال لزوجته: أنت حرام، وسكت، ولم يقيد:
فمن العلماء من قال: إنها يمين مكفَّرة، كما سبق عن ابن عباس رضي الله عنهما (¬٧).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٦٦٢٥)، ومسلم (١٦٥٧).
(¬٢) أخرجه البخاري (٦٦٢٣)، ومسلم (١٦٤٩).
(¬٣) أخرجه البخاري (٣١٣٣)، ومسلم (١٦٥٠).
(¬٤) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٣٣/ ٧٤).
(¬٥) الهداية في شرح بداية المبتدي، للمرغيناني (١/ ٢٤٤)، المقدمات الممهدات، لابن رشد (١/ ٥٧٦)، المهذب، للشيرازي (٣/ ٢١)، الشرح الكبير، لابن قدامة (٨/ ٤٠٧).
(¬٦) مجموع فتاوى ابن باز (٢٢/ ٩٠).
(¬٧) البخاري (٤٩١١)، ومسلم (١٤٧٣).

الصفحة 171