كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

بَابُ تَحْرِيمِ مَطْلِ الْغَنِيِّ، وَصِحَّةِ الْحَوَالَةِ، وَاسْتِحْبَابِ قَبُولِهَا إِذَا أُحِيلَ عَلَى مَلِيٍّ

[١٥٦٤] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)).
[خ: ٢٢٨٧]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
قوله: ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ)): المماطلة، يعني: تأخير قضاء الدين وهو قادر، فهذا ظلم، وفي اللفظ الآخر: ((لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ)) (¬١)، يحل عرضه، يعني: شكايته، فيشتكي صاحب الحق، ويقول عند القاضي: ظلمني، وأخذ حقي، وهذا مستثنى من الغيبة.
وقوله: ((وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ، فَلْيَتْبَعْ)): فيه: صحة الحوالة، وأن المدين إذا أُحيل بدينه على مليء فعليه أن يقبل الحوالة، والمليء هو: الغني الذي يدفع المال، وله شرطان:
الشرط الأول: أن يكون غنيًّا.
والشرط الثاني: ألا يكون مماطلًا.
واختلف العلماء في الأمر هنا، قال النووي رحمه الله: ((مذهب أصحابنا والجمهور أنه إذا أُحيل على مَلِيٍّ استُحِبَّ له قبولُ الحوالة، وحملوا
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٧٩٤٦)، وأبو داود (٣٦٢٨)، والنسائي (٤٦٨٩)، وابن ماجه (٢٤٢٧).

الصفحة 358