كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

أصل الشغار: الخلو، من قوله: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول. وشغرت المرأة إذا رفعت رجلها في الجماع. ويقال: شغر البلد إذا لم يكن له والٍ. ووظائف شاغرة، أي: خالية.
في هذا الحديث: تحريم نكاح الشغار، والشغار- كما قال ابن نمير-: ((أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ، وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي))، بمعنى: أن يجعل بضع هذه مهرًا لهذه، وبضع هذه مهرًا لهذه، حتى لو كان بينهما صداق، ما دام قد اشترط: لا أزوجك حتى تزوجني، أما تفسير نافع للشغار: بـ ((أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ)) فهذا ضعيف، وليس بوجيه؛ والصواب: تفسير ابن نمير.
والحكمة من هذا النهي: أن فيه ظلمًا للمرأة؛ لأن الإنسان- حينئذٍ- لا ينظر إلَّا إلى مصلحة نفسه، يقول: لا أزوجك حتى تزوجني، وقد يزوجها من يكبرها في السن وهي لا ترضى به؛ من أجل أن يزوجه الثاني بنته، أو أخته.
والشغار حرام؛ لما فيه من ظلم المرأة، والعقد فاسد، فيجب أن يفرق بينهما، إلا إذا صارت كل زوجة راضية بزوجها، فيجدد العقد وتستحق المرأة مهرًا جديدًا.

الصفحة 36