كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ- يَعْنِي: الْفَزَارِيَّ- عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ((إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ: الْحِجَامَةُ، وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ، وَلَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ)).
في هذا الحديث: فضل التداوي بالحجامة، والقسط البحري، ويقال له: العود الهندي.
وقوله: ((وَلَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ)): الغمز هو: رفع العظم الذي ينزل بحلق الصبي، وهو ما يسمى بالتهاب اللوزتين، وكانت النساء يرفعنه، وهذا فيه تعذيب للصبي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ، يُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ)) (¬١)، فيرتفع العظم؛ لأنه إذا نزل العظم سد الحلق وصار يتعبه، ووجع الحلق يسمى العذرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم البديل عنه، وهو السعوط، ويقال له: العود الهندي، ويقال له: القسط البحري، يسعط في الأنف فينزل للحلق فيزول وجع الحلق.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا لَنَا حَجَّامًا، فَحَجَمَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ، أَوْ مُدٍّ، أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ، فَخُفِّفَ عَنْ ضَرِيبَتِهِ.
[خ: ٥٦٩١]
قوله: ((فَخُفِّفَ عَنْ ضَرِيبَتِهِ))، أي: كلم مواليه ليخففوا عنه، فإذا كان يعطي مولاه كلَّ يوم درهمين قال: خفِّفْ عنه، فدرهم يكفي، وهذا يسمى بالخراج، والخراج: مخارجة بين السيد والعبد، كأن يأذن السيد لعبده
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٥٦٩٢)، ومسلم (٢٢١٨).