كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

وفي لفظ آخر: ((الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا)) (¬١)، وهو صريح في أن البكر يستأذنها أبوها، وغير الأب من باب أولى.
وفي هذه المسألة قولان للعلماء:
القول الأول: ذهب الأحناف والمالكية وقول عند الحنابلة: أن للأب أن يجبر البكر، ولا يستأذنها، قالوا: لأنه كامل الشفقة بها، فيكون الاستئذان مستحبًّا وليس واجبًا (¬٢)، وألحق الحنابلة بالأب الجد- أيضًا- وما عدا الأب من الأولياء فمحل اتفاق أنه لا بد أن يستأذنها، وأما الثيب فلا بد أن يستأذنها وليها سواء كان أبوها أو غيره بالاتفاق.
القول الثاني: مذهب الشافعي وهو الصواب: أنه يجب الاستئذان في البكر والثيب على السواء (¬٣)، وهو اختيار سماحة شيخنا، قال ابن القيم رحمه الله: (( ... إن البكر البالغة العاقلة الرشيدة لا يتصرف أبوها في أقل شيء من مالها إلا برضاها، ولا يجبرها على إخراج اليسير منه بدون رضاها، فكيف يجوز أن يرقَّها، ويُخرج بُضْعَها منها بغير رضاها إلى من يريده هو، وهي من أكره الناس فيه، وهو أبغض شيء إليها؟ ! ومع هذا فينكحها إياه قهرًا بغير رضاها إلى من يريده، ويجعلها أسيرة عنده)) (¬٤).
مسألة: في اشتراط الولي في النكاح قولان:
القول الأول: مذهب الجماهير أنه لا يصح النكاح إلا بولي (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (١٤٢١).
(¬٢) فتح القدير، لابن الهمام (٣/ ٢٦١)، المدونة، لمالك (٢/ ١٠٠)، الإنصاف، للمرداوي (٨/ ٥٤ - ٥٥).
(¬٣) النجم الوهاج، للدميري (٧/ ٧٠ - ٧١).
(¬٤) زاد المعاد، لابن القيم (٥/ ٨٩).
(¬٥) الرسالة، لابن أبي زيد القيرواني (ص ٨٩)، المجموع، للنووي (١٦/ ١٤٦)، المغني، لابن قدامة (٧/ ٦).

الصفحة 40