كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)
وأجمع أهل السنة والجماعة على أن الصدقة يصل ثوابها إلى الميت (¬١)، وكذلك الدعاء يصل ثوابه إلى الميت بالإجماع (¬٢)، كما نص القرآن على ذلك بأدلة كثيرة، منها: قوله تعالى- في الثناء على المؤمنين حينما دعوا لمن سبقوهم-: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}، وكذلك الدعاء للميت في صلاة الجنازة مجمعٌ عليه، والدعاء بعد الدفن ثابت، والدعاء عند زيارة القبور ثابت وهو يصل بإجماع أهل السنة والجماعة (¬٣).
وكذلك الحج يصل ثوابه إلى الميت باتفاق أهل السنة (¬٤)، على خلاف بينهم: هل يصل الميتَ ثوابُ الحج، أو ثواب المؤن والنفقات؛ فالجمهور: على أن ثواب الحج للميت (¬٥)، وذهب محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة إلى أن الذي يصل ثوابه هو المؤن والنفقات، والحج ثوابه للحاج، وهذا قولٌ مرجوح (¬٦).
ولم يخالف في وصول الصدقة والدعاء للميت إلا أهل البدع، محتجين بقول الله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} والآية لها أجوبة عند أهل السنة، منها:
الجواب الأول: قد أثبتت الآية أن الإنسان يملك سعيه، وأما سعي غيره فهو ملك له، فإذا بذله لغيره وصل إليه.
الجواب الثاني: أن الآية لم تنفِ انتفاع الإنسان بغيره، وإنما أثبتت انتفاعه
---------------
(¬١) الإقناع، لابن القطان (٢/ ١٢٠)، شرح الطحاوية، لابن أبي العز (٢/ ٦٦٤).
(¬٢) شرح مسلم، للنووي (٧/ ٩٠).
(¬٣) الإقناع، لابن القطان (٢/ ١٢٠).
(¬٤) الإقناع، لابن القطان (٢/ ١٢٠)، شرح الطحاوية، لابن أبي العز (٢/ ٦٦٤).
(¬٥) مواهب الجليل، للحطاب (٢/ ٥٤٣)، (٣/ ٧)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (٣/ ٦٠)، المغني، لابن قدامة (٢٩/ ٤٢٣).
(¬٦) المبسوط، للسرخسي (٤/ ١٤٨).