كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

وأقتابها، وتبرع بها من ماله رضي الله عنه حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ- مَرَّتَيْنِ)) (¬١).
وفيه: ذكر قول أبي موسى رضي الله عنه- لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنعه-: ((فَرَجَعْتُ حَزِينًا))، يعني: يخشى أن يكون قد أغضب الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ((خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ))، أي: بعير مقرون ببعير.
وقوله: ((ابْتَاعَهُنَّ))، يعني: اشتراهن، وكانوا ستةَ أبعرة، ويحتمل أن بعضها كان من الغنيمة، وبعضها الآخر اشتراه من سعد رضي الله عنه، كما سيأتي في الحديث الآتي.
وقوله: ((وَمَنْعَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ))، يعني: كأنه يريد أن يدفع التهمة عن نفسه؛ فقد رجع لأصحابه أول مرة وأخبرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض أن يحملهم، وقال: ((وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ))، ثم حملهم بعد ذلك، فخشي أن يتهموه، ويقولوا له: كيف تقول لنا: إن الرسول منعك، ثم ناداك وأعطاك الإبل؟ ! فطلب منهم أن يذهب معه بعض أصحابه إلى أناس شهدوا على منعِه صلى الله عليه وسلم إياه أول مرة حين سأله، ثم إعطائِه الإبلَ بعد ذلك، كل هذا حتى يدفع التهمه عنه رضي الله عنه.
وقوله: ((لَا تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ)): فيه: أنه ينبغي للإنسان أن يطلب براءته بكشف ما قد يتهم فيه.
---------------
(¬١) أخرجه الترمذي (٣٧٠١)، والحاكم (٤٥٥٣).

الصفحة 518