كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

كان في المجلس على الصحيح (¬١)؛ خلافًا لِما قاله بعضهم: إن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه، أو ما لم يقم أو يتكلم، أو بقدر حلبة ناقة (¬٢).
والصواب: أنه لا بد أن يكون الاستثناء متصلًا بالكلام، ويكون قد نواه.
وفيه: همة سليمان عليه الصلاة والسلام العالية؛ فإنه قال: ((لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))، ولم يقل: يبنون القصور، أو يحرثون، أو يزرعون.
وفيه: أن الأنبياء عليهم السلام كما فُضلوا بالرسالة، فُضلوا بالبسط في الخلق والقوة، فسليمان عليه السلام كان يجامع تسعين امرأة في ليلة واحدة، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة واحدة، فهذه قوة آتاها الله الأنبياء عليهم السلام، مع ما هم فيه من المشاغل، والقيام بأمر الناس، وقضاء حوائجهم، والقيام بمهام الدعوة.
وفيه: أن شريعة التوراة فيها توسع في الجمع بين النساء.
وفيه: تعنت النصارى واليهود، فهم يعيبون على المسلمين الجمع بين أربع نسوة، ويعيبون على نبينا صلى الله عليه وسلم زواجه بتسع نساء، وهذه شريعة التوراة فيها أن سليمان عليهم السلام تزوج تسعين امرأة.
وقوله: ((كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً))، وفي رواية: ((عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً))، وفي رواية: ((عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً)): الأقرب في الجمع بين هذه الروايات- والله أعلم-: أن يقال: إن هذا الاختلاف بسبب الرواية بالمعنى، فظن بعضهم أنها تسعون، وبعضهم أنها سبعون، وبعضهم أنها ستون، وأما القول بأن هذا يُحمل على تعدد القصة فهذا بعيد جدًّا؛ لأن القصة واحدة.
وفيه: دليل على جواز قول: ((لو)) إذا كان امتناع فعل شيء لامتناع شيء
---------------
(¬١) البحر الرائق، لابن نجيم (٤/ ٣٢٢)، المدونة، لمالك بن أنس (١/ ٥٨٤)، الأم، للشافعي (٨/ ١٥٣).
(¬٢) شرح مسلم، للنووي (١١/ ١١٩).

الصفحة 530