كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

حديث أوَّل لابن شِهابٍ، عن أنس
قد ذَكَرْنا أنسَ بن مالكٍ في كتابنا في الصحابة (¬١) بما يُغني عن ذكرِه هاهنا.
مالكٌ (¬٢)، عن ابن شهابٍ عن أنسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تباغَضوا، ولا تَدابَروا، ولا تحاسَدوا، وكونوا عبادَ الله إخْوانًا، ولا يحلُّ لمسلم أن يُهاجِرَ أخاه فوقَ ثلاثِ ليالٍ".
هكذا قال يحيى: "يُهاجرَ"، وسائرُ الرُّواةِ لـ "الموطأ" يقولُ: "يَهجُرَ" (¬٣).
واختصرَ هذا الحديثَ أبو نُعيم (¬٤) الفضلُ بنُ دُكَيْن، فخالفَ في لفظِه جماعةَ الرُّواةِ عن مالكٍ، فقال فيه: حدَّثنا مالكٌ، عن ابنِ شهابٍ الزهريِّ، عن أنسٍ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيام، يلقاه هذا فيُعرِضُ عنه، وأيُّهما بدأ بالسلام سبَق إلى الجنة" (¬٥).
---------------
(¬١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ١/ ١٠٩.
(¬٢) الموطأ ٢/ ٤٩٣ - ٤٩٤ (٢٦٣٩).
(¬٣) كما في الموطأ رواية محمد بن الحسن الشيباني (٩١٧)، ورواية سُويد بن سعيد (٦٨١)، ورواية ابن القاسم (٤)، ووقع في المطبوع من الموطأ رواية أبي مصعب الزهري "يُهاجر".
(¬٤) قوله: "أبو نعيم" لم يرد في د ١.
(¬٥) رواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن عبد الله بن عمر العمري، عمر الزهري، بهذا الإسناد، أخرجه أبو عوانة في البر والصلة كما في إتحاف المهرة لابن حجر ٢/ ٣٠٦ من طريقين عنه. ولم يذكر الحافظ ابن حجر لفظه، وإنما ذكر ثمانية عشر طريقًا عن الزهري، وقال: يزيد بعضهم على بعض. قلنا: وعبد الله بن عمر ضعيف.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (٧٨٧٤) من طريق وهب بن بقيّة، عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن عبد الله بن عمر، به. وقال بإثره: لم يقل أحدٌ ممّن روى هذا الحديث عن الزهري: "والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى الجنة" إلا عبد الله بن عمر، ولا عن عبد الله إلا خالد، تفرد به وهب بن بقيّة، رواه أبو نعيم عن عبد الله بن عمر. =

الصفحة 102