كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

فحديثُ الحجَّاج حدَّثناه عبدُ الوارثِ بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسِمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهير، قال: حدَّثنا أبي (¬١)، قال: حدَّثنا هُشَيْمٌ، قال: أخبرنا الحجَّاجُ، عن عطاءٍ، عن عبدِ الله بنِ الزُّبير، قال: الصلاةُ في المسجدِ الحرام تَفْضُلُ على مسجدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بمئة ضعْف. قال عطاءٌ: فنظرنا في ذلك، فإذا هي تَفْضلُ على سائرِ المساجدِ بمئة ألفِ ضعف.
وذكر عبدُ الرزاقِ (¬٢) وغيرُه، عن ابنِ جريج، قال: أخبرني عطاءٌ، أنّه سَمِعَ ابنَ الزبيرِ يقولُ على المِنْبَر: صلاةٌ في المسجدِ الحرام خيرٌ من ألفِ صَلاةٍ فيما سِواه من المساجد. قال: قلت: لم يُسَمِّ مسجدَ المدينة. قال: يُخيَّلُ إلي أنّه إنّما أرادَ مسجِدَ المدينة.
قال ابنُ جريج (¬٣): وأخبرني سليمانُ بنُ عتيقٍ بمثلِ خبَرِ عطاءٍ هذا، ثم يُشيرُ ابنُ الزبيرِ إلى المدينة.
هكذا قال ابنُ جُريج: "بألف" وعلى ما أشارَ إليه وتأوَّله ابنُ جريج في حديثِه هذا تكونُ الصلاةُ في المسجد الحرام تَفْضُلُ على الصلاةِ في كلِّ المساجدِ غيرَ مَسْجدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بألفِ ألف.
وقد رُوي عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في هذا البابِ ما يقطعُ الخلافَ ويحسِمُ التَّنازُع، ولكنَّ الحديثَ لم يُقِمْه ولا جوَّدَه إلّا حَبِيبٌ المُعلِّمُ عن عطاء، أقام إسْنادَه
---------------
(¬١) هو زهير بن حرب، أبو خيثمة البغداديّ، وهذا الأثر في التاريخ الكبير لابنه أحمد بن أبي خيثمة ٣/ ١/ ١٥٠ (٣٢٠) عن أبيه، به. وأخرجه الفاكهي في أخبار مكّة ٢/ ٨١ (١١٨٢)، والمحاملي في أماليه (٢٩٥) من طريق هشيم بن بشير، به. وحجّاج: هو ابن أرطاة، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
(¬٢) المصنَّف (٩١٣٣). وفيه عنده "خير من مئة صلاة" بدل: ألف صلاة. وسيكرّر المصنّف نقله عن ابن جريج قوله: "بألف" وعلى هذا تابع شرحه.
(¬٣) مصنف عبد الرزاق (٩١٣٤).

الصفحة 26