كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

عن زَاذَانَ، عن عليٍّ في قوله: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ}، قال: أصحابُ اليمينِ أطفالُ المسلمين (¬١).
ورواه وكيعٌ، عن سفيانَ بإسنادِه مثلَه بمعناه (¬٢).
وقد اختلفَ العلماءُ في أطفالِ المشركينَ وفي أطفال المسلمينَ أيضًا على ما ذكرناه ومهَّدنَاه في باب أبي الزِّنَاد (¬٣) مِن هذا الكتاب.
وأمَّا قولُه -صلى الله عليه وسلم- في حديثنا المذكورِ في هذا الباب: "إلّا تَحلَّةَ القَسَم" فهو يُخرَّجُ في التفسيرِ المسندِ؛ لأنَّ القَسَمَ المذكورَ في هذا الحديثِ معنَاه -عندَ أهلِ العلم-: قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٧١]. قال الحسنُ وقتادةُ: {حَتْمًا مَقْضِيًّا}: قَسَمًا واجبًا (¬٤). وكذلك قال السديُّ، ورواه عن مُرَّةَ، عن عبدِ الله بنِ مسعود، أنّه قال ذلك (¬٥).
وظاهِرُ قوله: "فَتمَسَّه النَّارُ" يدُلُّ على أنَّ الوُرُودَ: الدُّخُولُ، واللهُ أعلمُ؛ لأنَّ المَسِيسَ حقيقتُه في اللُّغَةِ المباشَرَةُ، وقد يحتمِلُ على الاتِّسَاع أنْ يكونَ القُرْب.
وقد اختلَفَ العلماءُ في الوُرُودِ؛ فقال منهم قائِلُون: الوُرُودُ: الدُّخُول. وممَّن قال ذلك: ابنُ عباس، وعبدُ الله بنُ رواحَةَ، وقد اختُلِفَ في ذلك عن ابنِ
---------------
(¬١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٤/ ٣٦ عن محمد بن بشار، عن المؤمِّل بن إسماعيل، عن سفيان الثّوري، عن عثمان بن أبي اليقظان، عن زاذان أبي عمر الكنديّ، به.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٣/ ٢٧٧، ٣٦٣، وابن جرير الطبريّ في تفسيره ٢/ ٣٦ من طريق سفيان الثوريّ، عن الأعمش سليمان بن مهران، عن عثمان بن أبي اليقظان، عن زاذان، به.
(¬٢) هو عند ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٤/ ٣٦ من طريق وكيع، عن سفيان الثوري بالإسناد المذكور قبله.
(¬٣) سيأتي في الحديث العاشر من أحاديثه عن الأعرج في موضعه إن شاء الله تعالى.
(¬٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٨/ ٢٣٧ من طريق سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة، به.
(¬٥) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٨/ ٢٣٧ من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُّديّ، به.

الصفحة 316