كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا أيوبُ، عن نافع، قال: شغَلني شيءٌ، فجاء ابنُ عمرَ وأنا أصلِّي في ثوبٍ واحد. قال: فأمهَلَني حتى فرَغتُ مِن الصلاةِ، ثم قال: ألم تُكسَ ثوبينِ؟ قلتُ: بلى. قال: فلو أُرسِلتَ خارجًا مِن الدَّارِ أكنتَ تذهبُ في ثوبٍ واحدٍ؟ قلتُ: لا. قال: فاللهُ أحقُّ أن تَزيَّنَ له أم الناسُ؟ قلتُ: بلِ اللهُ. قال: ثم حدَّثَ بحديثٍ أكثرُ ظنِّي أنّه ذَكَر النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا وجَد أحدُكم ثوبينِ، فليصلِّ فيهما، فإن لم يجدْ إلّا ثوبًا واحدًا، فليتَّزِرْ به اتِّزارًا، ولا يشتملِ اشتِمالَ اليهودِ" (¬١).
وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أوَلِكلِّكم ثوبان؟ " دليلٌ على أنَّ مَن كان معه ثوبانِ يتّزِرُ بالواحدِ، ويلبَسُ الآخرَ، أنّه حسنٌ في الصلاةِ، وإنما قلنا: حسنٌ، ولم نقُلْ: واجبٌ؛ لأنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابَه، قد صلَّوا في ثوبٍ واحدٍ ومعهم ثيابٌ، وحسبُك بأبي هريرة، وهو راوي هذا الحديثِ.
ذكر مالكٌ (¬٢)، عن ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، أنّه قال: سُئِلَ أبو هريرة: هل يُصلِّي الرجلُ في ثوبٍ واحدٍ؟ قال: نعم. فقيل له: هل تفعَلُ أنتَ ذلك؟ قال: نعم، إنّي لأُصلِّي في ثوبٍ واحدٍ وإنَّ ثيابي لعَلى المِشْجَبِ.
وقد حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملكِ، قال: حدَّثنا أبو سعيدِ ابنُ الأعرابيِّ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ الزَّعفَرَانيُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ (¬٣) بنُ عيينة، عن أبي الزنادِ،
---------------
(¬١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ١/ ٣٧٦ (٧٦٦)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٢٣٦ (٣٣٩٨) من طريقين عن سعيد بن أبي عَروبة، به.
وهو عند البيهقي في الكبرى ٢/ ٢٣٦ (٣٣٩٩) و (٣٤٠٠) من طريقين عن حمّاد بن زيد، به.
وشطره الثاني عند أبي داود (٦٣٥) من طريق حمّاد بن زيد، عن أيوب بن أبي تميمة السَّختياني، به. وسلف تخريج شطره الأول الموقوف.
(¬٢) الموطّأ ١/ ٢٠٣ (٣٧٣).
(¬٣) قوله: "قال: حدثنا سفيان" لم يرد في د ١.

الصفحة 336