كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

ورُويَ عن جابرٍ، وابنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ، ومعاويةَ، وسلمةَ بنِ الأكوع، وأبي أُمامةَ، وأبي هريرةَ، وطاوسٍ، ومجاهدٍ، وإبراهيمَ، وجماعةٍ مِن التابعين؛ أنهم أجازُوا الصلاةَ في القميصِ الواحدِ، إذا كان لا يصِفُ (¬١). وهو قولُ عامةِ فقهاءِ الأمصارِ في جميع الأقطارِ، ومِن العلماءِ مَن استحبَّ الصلاةَ في ثوبينِ، واستحبُّوا أنْ يكونَ المصلِّي مخمَّرَ العاتِقَين، وكرِهُوا أنْ يصلِّيَ الرجلُ في ثوبٍ واحدٍ مؤتزرًا به، ليس على عاتقِه منه شيءٌ إذا قدَرَ على غيرِه، وأجمَع جميعُهم أنَّ صلاةَ مَن صلَّى بثوب يسترُ عورتَه جائزةٌ. وكان الشافعيُّ يقولُ: إذا كان الثوبُ ضيقًا يَزُرُّه، أو يخلِّلُه بشيءٍ؛ لئلّا يتجافَى القميصُ، فيرى من الجيبِ العورةَ، وإنْ لم يفعلْ ورأى عورتَه، أعادَ الصلاةَ (¬٢). وهو قولُ أحمدَ (¬٣)، وقد رخَّصَ مالكٌ في الصلاةِ في القميص محلُولِ الإزارِ ليس عليه سراويلُ ولا أزارٌ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأبي ثورٍ (¬٤)، وكان سالمٌ يصلِّي محلولَ الإزارِ. وقال داودُ الطائيُّ (¬٥): إذا كان عظيمَ اللحيةِ فلا بأسَ به.
---------------
= عن إبراهيم بن عبد الله بن حُنين، به. وعند البزار "إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه". ومهما يكن فإسناده ضعيف لضعف إسحاق بن أبي فروة كذّبه أحمد بن حنبل، وابن معين وأبو حاتم، وقال أبو زرعة: متروك الحديث كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨ (٧٩٢).
(¬١) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق (باب الصلاة في القميص) ١/ ٣٥٩ - ٣٦٠، ولابن أبي شيبة (في الصلاة في الثوب الواحد) (٦٢٤٦ - ٦٢٦٢)، والأوسط لابن المنذر (الرُّخصة في الصلاة في ثوب واحد ٥/ ٣٠ - ٣٧).
(¬٢) الأمّ ١/ ١١٠.
(¬٣) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٢/ ٦٣٧ (٢٨٧)، والمغني لابن قدامة ١/ ٤١٥ - ٤١٦.
(¬٤) ينظر: المدوّنة ١/ ١٨٦، وبدائع الصنائع للكاساني ١/ ٢١٩.
(¬٥) داود بن نُصير، أبو سليمان الكوفيّ.

الصفحة 340