كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

لا من جهةِ رفع الفرضِ عنه، وأن ذلك ليس من بابِ قوله: "وعن الصبِيِّ حتى يحتلِمَ" (¬١).
وإن كان ذلك جاءَ في أثرٍ واحدٍ، فقِفْ على هذا الأصلِ.
وأما قولُ بلالٍ: أخَذ بنفسي الذي أخَذ بنفسكَ. يقولُ: إذا كنتَ أنتَ في منزلتِكَ مِن الله قد غلَبتكَ عينُك، وقُبِضتْ نفسُك، فأنا أحرَى بذلك. وفي هذا دليلٌ على طلبِ الحُجَّةِ والإدلاء بها.
ذكر عبدُ الرزاقِ (¬٢)، عن معمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن عليِّ بنِ حسين، قال: دخَل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على عليٍّ وفاطمةَ وهما نائمان، فقال: "ألا تُصلُّوا؟ " فقال عليٍّ: يا رسولَ الله، -صلى الله عليه وسلم- إنّما أنفسُنا بيدِ الله، فإذا أراد أن يبعَثَها بعَثها. فانصَرَف عنهما وهو يقولُ: " {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤].
ورواه الليثُ، عن عُقيلٍ، عن الزُّهريِّ، عن عليِّ بنِ حسينٍ، أنَّ الحسينَ بنَ عليٍّ حدَّثه، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- طرَقه وفاطمةَ. فذَكَر الحديثَ. وفي آخرِه: فانصرَف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قلتُ له ذلك، فسَمِعتُه وهو مدبرٌ يضِربُ فخذَه وهو يقولُ: " {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} " (¬٣).
وأما قولُ بلالٍ في هذا الحديثِ: أخَذ بنَفْسي الذي أخَذ بنَفْسِكَ. فمعناه:
---------------
(¬١) هذا جزء من الحديث السالف تخريجه في الموضع المشار إليه في التعليق السابق.
(¬٢) في المصنَّف ١/ ٥٩٠ (٢٢٤٤).
(¬٣) أخرجه البخاريُّ في الأدب المفرد (٩٥٥)، ومسلم (٧٧٥)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند ٢/ ١٧ (٥٧٥). وعقيل: هو ابن خالد الأيليّ.
وهو عند البخاري في صحيحه (١١٢٧) و (٧٣٤٧) من طريقين عن شُعيب بن أبي حمزة، عن الزُّهريّ، به.

الصفحة 362