كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

قالوا: الترتيبُ عندنا واجبٌ في اليوم والليلةِ، إذا كان في الوقتِ سَعةٌ للفائتةِ ولصلاةِ الوقتِ، فإن خشِيَ فواتَ صلاةِ الوقتِ بدأ بها، فإن زاد على صلاةِ يوم وليلةٍ، لم يجِبِ الترتيبُ عندَهم، والنسيانُ عندَهم يُسقِطُ الترتيبَ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: مَن ذكر صلاةً فائتةً وهو في صلاةٍ أُخرى من الصلواتِ الخمسِ، فإن كان بينهما أكثرُ من خمسِ صلواتٍ مضَى فيما هو فيه، ثم قضَى التي عليه، وإن كان أقلُّ من ذلك، قطَع ما هو فيه، وصلى التي ذكر، إلّا أن يكونَ في آخرِ وقتِ التي دخَل فيها، يخافُ فوتَها إن تشاغَل بغيرِها، فإن كان كذلك أتمها ثم قضَى التي ذكر. وقال أبو حنيفةَ ومحمدٌ: إن ذكر الوترَ في صلاةِ الصبح فَسَدَتْ عليه، وإن ذكر فيها ركعتي الفجرِ، لم تَفسُدْ عليه. وقال أبو يوسفَ: لا تفسُدُ عليه بذكرِ الوَترِ، ولا بركعتي الفجرِ. وبه أخَذ الطَّحاويُّ. وقد رُوي عن الثوريِّ وجوبُ الترتيبِ، ولم يُفرِّقْ بينَ القليلِ والكثيرِ (¬١).
واختُلِف في ذلك عن الأوزاعي (¬٢).
وقال الشافعيُّ (¬٣): الاختيارُ أن يبدأ بالفائتةِ ما لم يخَفْ فواتَ هذه، فإن لم يفعَلْ وبدَأ بصلاةِ الوقتِ أجزَأه.
وذكر الأثرمُ أن الترتيبَ عندَ أحمدَ بنِ حنبلِ واجبٌ في صلاةِ ستِّينَ سنةً
---------------
(¬١) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ١٥٤، والأوسط لابن المنذر ٣/ ١١٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٨٥، والمبسوط للسَّرخسيّ ١/ ١٥٥.
(¬٢) حيث رُويَ عنه في إحدى روايتين إسقاطُ وُجوب التَّرتيب، وفي الأخرى إثباتُه. قاله الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٨٥.
(¬٣) ينظر: الأمّ له ١/ ٩١، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٨٦، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر الشاشيّ القفّال ٢/ ٢٧، والمجموع شرح المهذّب للنَّووي ٣/ ٦٨ - ٧٠.

الصفحة 367