كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)
زياد بن أبي زياد
وهو زياد بن أبي زياد (¬١)، مولى عبد الله بن عَيّاش بن أبي رَبِيعة المخزوميِّ، يُكْنَى أبا جعفر، واسم أبي زياد مَيْسرة -فيما ذكر البُخاريُّ (¬٢) - وكان زياد هذا أحد الفُضلاء العُبّاد الثِّقات من أهلِ المدينة، يُقال: إنه لم يكن في عصره بالمدينة مولًى أفضل منه ومن أبي جعفر القاري، وولاؤُهما جميعًا واحد.
قال ابنُ وَهْب: سمعت مالكًا يقول: كانَ زياد بنُ أبي زياد عابدًا، وكان يَلْبَسُ الصُّوف، وكان يكون وحده ولا يُجالس أحدًا، وكانت فيه لُكْنةٌ.
وذكر العُقيليُّ في "تاريخه الكبير"، قال: أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: حدَّثنا حامد بن يحيى، قال: حدَّثنا بكر بن صَدَقةَ، قال: وزياد بن أبي زياد هو الذي يقول فيه جرير بن الخَطَفَى إذ اجتمَعُوا عند باب عُمرَ بنِ عبد العزيز، فخرج الرَّسول فقال: أين زيادُ بن أبي زياد؟ فأذن له، فقال جرير:
يا أيها القارئ المُرْخي عِمامتَه ... هذا زمانُك إنّي قد مَضَى زَمَني
أبلِغْ خليفتَنا إنْ كنتَ لاقيَهُ ... أنَّا لدى البابِ مَحْبوسونَ في قَرَنِ
قال أبو عمر: قد رُويَ من وجوهٍ أنّ هذا القول إنّما قاله جرير لعَوْنِ بن عبد الله بن عُتبةَ (¬٣)، واللهُ أعلمُ.
لمالكٍ عن زياد بن أبي زيادٍ هذا من مرفوعات "الموطأ" حديثٌ واحد مرسلٌ، وآخَرُ موقوفٌ مسند.
---------------
(¬١) تهذيب الكمال ٩/ ٤٦٥ والتعليق عليه.
(¬٢) تاريخه الكبير ٣/ الترجمة ١١٦٩.
(¬٣) هذا هو المشهور، كما في الأغاني ٨/ ٥١ و ٩/ ١٦٣، والبيان والتبيين ١/ ٢٦٧، والعقد لابن عبد ربه ١/ ٣٣٦. ويروى أن جريرًا قال ذلك في رجاء بن حيوة، وفي عدي بن أرطاة، كما في الجليس الصالح، ص ٤١. أما الذي نسبها إلى زياد هذا فهو البخاري عن الأويسي، عن مالك، كما في تاريخه الكبير ٣/ الترجمة ١١٩٦، ونقلها عنه المزي في تهذيب الكمال.