كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

روايةِ أبانَ العطَّارِ، عن معمرٍ. وأبانُ ليس بحُجَّةٍ، ولا تُقبَلُ زيادتُه على عبد الرزاقِ؛ لأن عبدَ الرزاقِ أثبتُ الناسِ في معمرٍ عندهم (¬١). وقد ذكرنا اختلافَ العُلماءِ
---------------
(¬١) قوله في أبان بن يزيد العطّار: "ليس بحُجّةٍ ولا تُقبل زيادته على عبد الرزاق" بذريعة أنّ عبدَ الرزاق أثبتُ الناس في معمر، يردُّه قولُ أحمد بن حنبل: "أبان العطار ثبتٌ في كلِّ المشايخ" فهو ثقة ليَّنه بعضهم بلا حجَّة كما ذكر الذهبيُّ، وقال: وثّقه يحيى بن معين وأحمد والعجليّ والنسائيّ، وهو حُجّة، قد احتجَّ به صاحبا الصحيح، ولم يثبت فيه جرحٌ معتَبرٌ" كما في تهذيب الكمال ٢/ ٢٤ - ٢٦ (١٤٣) والتعليق عليه، وسير أعلام النبلاء ٧/ ٤٣١. وعلى هذا فزيادته في هذا الحديث مقبولة، وقد وردت في أحاديث أخرى بأسانيد صحيحة، منها ما أخرجه أبو داود تِلْوَ رواية أبان عن معمر، من حديث أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه برقم (٤٣٧)، وهو في مسلم (٦٨١)، أخرجاه من طريقين عن حمّاد بن سلمة عن ثابت البنانيّ عن عبد الله بن رباح عنه، وفيه عند أبي داود "وأذّن بلالٌ فصَلَّوا ركعتي الفجر"، وعند مسلم: "ثم أذّن بلالٌ بالصلاة، فصلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين".
وقال الخطابي في معالم السنن ١/ ١٣٨ بعد أن ذكر قول أبي داود "لم يُسنده منهم أحدٌ إلّا الأوزاعيّ وأبان العطار عن معمر" قال: "قلت: وروى هذا الحديث هشام عن الحسن عن عمران بن حُصين، فذكر فيه الأذان، ورواه أبو قتادة الأنصاريّ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكر الأذان والإقامة، والزِّيادات إذا صحَّت مقبولة، والعمل بها واجب".
قلنا: وحديث الحسن عن عمران بن حصين أخرجه أيضًا أبو داود (٤٤٣)، وهو عند أحمد في المسند ٣٣/ ١٠٥ (١٩٨٧٢)، ورجال إسناده ثقات إلّا أنّ الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين، لكن تابَعَه أبو رجاء العطارديّ عمران بن ملحان عند أحمد ٣٣/ ١٢٩ (١٩٨٩٨)، والبخاري (٣٤٤) إلا أن فيه: "ونُوديَ بالصلاة" بدل "ثم أمر مؤذِّنًا فأذّن" وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ١/ ٤٥١: "قوله: "ونُوديَ بالصلاة" استُدِلَّ به على الأذان للفوائت، وتُعقِّب بأنّ النِّداءَ أعمُّ من الأذان، فيحتمل أن يُراد به هنا الإقامة، وأُجيبَ بأنّ في رواية مسلم من حديث أبي قتادة (٦٨١) التَّصريحُ بالتأذين، وكذا هو عند المصنِّف في أواخر المواقيت، وترجَم له خاصّةً بذلك".
قلنا: والأمر كما ذكر، فقد بوَّب البخاري لذلك في صحيحه فقال قبل الحديث (٥٩٥): (باب الأذان بعد ذهاب الوقت). =

الصفحة 373