كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

وقال آخَرُ (¬١):
كأنّ القلبَ ليلةَ قيلَ يُغْدَى ... بليلى العامِرِيَّةِ أو يُراحُ
قَطَاةٌ غَرَّها شَرَكٌ فبَاتَتْ ... تُجاذبُهُ وقد غَلِقَ الجناحُ
وقال آخر:
أجارَتَنا مَن يجتَمِعْ يتَفَرَّقِ ... ومَن يكُ رهْنًا للحوادِثِ يَغْلَقِ (¬٢)
وقال أعْشَى تَغْلِبَ:
لمّا رأى أهْلُها أنِّي عَلِقْتُ بها ... واسْتَيقَنوا أنَّني في حَبْلِها غَلِقُ
بانَتْ نوَاهم شطُونًا عن هَوَايَ لهم ... فما دُلُوفَي (¬٣) مَيْسُورًا ولا رفَقُ
قال أبو عُبَيْدٍ (¬٤): لا يجوزُ في كلام العَرَبِ أن يُقال للرَّهْنِ إذا ضاعَ: قد غَلِق، إنّما يقالُ: قد غَلِقَ إذا اسْتَحَقَّه المُرْتَهِنُ فذهَب به. قال: وهذا كان مِن فِعْلِ أهلِ الجاهِليَّةِ، فأبطَلَه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ". ثم ذكر نحوَ قولِ مالكٍ وسفيانَ في تفسيرِ هذا الحديثِ.
---------------
(¬١) البيتان لمجنون ليلى قيس بن الملوِّح، وهما في ديوانه، ص ٩٠، وبعضُهم ينسبه إلى توبة بن الحمير كما في الزّهرة لأبي بكر محمد بن داود الأصبهاني، ص ١٥٩ - ١٦٠، وبعضهم لنصيب بن رباح كما في التذكرة السَّعدية لمحمد بن عبد الرحمن العبيدي ص ٤٥، في حين رجَّح المبرِّد في الكامل ٣/ ٢٩ أنهما لمجنون بني عامر قيس بن معاذ، وقيل غير ذلك، وينظر: محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني في ٢/ ٩٣، وحياة الحياة الكبرى لأبي البقاء الدميري ٢/ ٣٤٣.
(¬٢) نُسب هذا البيت لزُمَيل بن أبير، وهو ابنُ أمِّ دينار الفزاريّ، كما في الأمثال لأبي عُبيد القاسم بن سلّام ص ٤٢، والعقد لابن عبد ربِّه ٣/ ٢٢١، بينما نسبه عليُّ بن سليمان بن الفضل المعروف بالأخفش الأصغر في الاختيارين ص ١٧٥، وأبو عليّ القالي في الأمالي ٢/ ٥٥، وأبو عُبيد البكري في سمط اللآلئ في شرح الأمالي ١/ ٦٨٨، وفي التنبيه على أوهام أبي عليّ في أماليه، ص ٩٤ لعمارة بن صفوان الضَّبّيّ.
(¬٣) الدَّليف: المشي الرُّوَيد. "الصحاح" (دَلَف).
(¬٤) غريب الحديث له ٢/ ١١٥.

الصفحة 400