كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

وفسَّر مالكٌ (¬١) هذا الحديثَ بأن قال: وتفسيرُ ذلك فيما نرى، واللهُ أعلمُ، أن يَرْهَنَ الرجلُ الرهنَ عندَ الرجلِ بالشيءِ، وفي الرهنِ فَضْل عمَّا رُهِن به، فيقولَ الرَّاهِنُ للمُرْتَهِنِ: إن جِئْتُك بحَقِّكَ إلى أجَلِ كذا، يُسَمِّيه له، وإلّا فالرَّهْنُ لك بما فيه.
قال مالكٌ: فهذا لا يَصْلُحُ ولا يَحِلُّ، وهذا الذي نُهيَ عنه، وإن جاء صاحِبُه بالذي رهَن فيه بعدَ الأجلِ فهو له، وأرى هذا الشرطَ مُنْفَسِخًا. وعلى نحوِ هذا فسَّره الزهريُّ، وسفيانُ الثوريُّ، وطاووسٌ، وإبراهيمُ النَّخَعِيُّ، وشُرَيْحٌ القاضي (¬٢).
أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ عمرَ، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ حربٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن عمرٍو، عن طاوسٍ، قال: إذا رَهَن الرجلُ الرهنَ، فقال لصاحِبه: إن لم آتِكَ إلى كذا وكذا، فالرَّهْنُ لك. قال: ليس بشيءٍ، ولكن يُباعُ فيأْخُذُ حَقَّه، ويَرُدُّ ما فضَل (¬٣).
وذكَرَ عبدُ الرزاقِ (¬٤)، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن ابنِ المسيِّبِ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ممَّن رَهَنه". قال معمرٌ: قلتُ للزهريِّ: أرأيتَ قولَه: "لا يَغْلَقُ الرهنُ"، أهو الرجلُ يقولُ: إن لم آتِكَ بمالِك فهذا الرهنُ لك؟ قال: نعم. قال معمر: ثمَّ بلغني عنه أنّه قال: إن هلَك لم يَذْهَبْ حَقُّ هذا، إنّما هلَك مِن ربِّ المالِ؛ له غُنْمُه، وعليه غُرْمُه.
---------------
(¬١) بإثر حديث هذا الباب كما في الموطأ ٢/ ٢٧١ (٢١٣٣).
(¬٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٨/ ٢٣٨ (١٥٠٣٦) عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، بنحوه. وفي ٨/ ٢٣٧ (١٥٠٣٥) عن معمر، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن شريح، بنحوه. و ٨/ ٢٣٩ (١٥٠٤١) و (١٥٠٤٢) عن سفيان الثوري، عن القعقاع بن يزيد الضَّبِّي، عن إبراهيم النخعيّ. و (١٥٥٤٢) عن معمر، عن قتادة وإبراهيم، مثله.
وينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (٢٣٢٤٧) فما بعد، والأوسط لابن المنذر ١٠/ ٥٢٩.
(¬٣) سلف تخريجه في الذي قبله.
(¬٤) في المصنَّف ٨/ ٢٣٧ (١٥٠٣٣).

الصفحة 401