كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (¬١): حدَّثنا محمدُ بنُ مسكينٍ اليماميُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ حسَّانَ، قال: حدَّثنا سليمانُ بنُ بلالٍ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن بُشيرِ بنِ يسارٍ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لما أفاءَ اللهُ عليه خيبرَ، قسَمها ستّةً وثلاثينَ سهمًا جَمْعُ، للمسلمينَ (¬٢) الشَّطرُ، ثمانيةَ عشرَ سهمًا جمعُ (¬٣)، كلُّ سهم مئةُ سهم، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- معَهم كسَهْم أحدِهم، وعزَلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثمانيةَ عشرَ سهمًا، وهو الشَّطرُ، لنوائبِه وما ينزِلُ مِن أمرِ المسلمينَ، فكان ذلك الوطيحَ، والكُتَيبةَ، والسُّلالِمَ وتوابعَها، فلمَّا صارتِ الأموالُ بيدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لم يكنْ لهم عمَّالٌ يَكْفُونَهم عملَها، فدَعا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- اليهودَ فعامَلَهم.
وهذا الحديثُ أهذبُ ما رُويَ في هذا البابِ معنًى، وأحسنُه إسنادًا، وهو يوضِّحُ ما ذكرنا، وبالله توفيقُنا.
---------------
(¬١) في سننه برقم (٣٠١٤).
(¬٢) هكذا في النسخ، وفي المطبوع من سنن أبي داود: "فعزل للمسلمين الشطرَ"، وهو أبين، وأثبتنا ما في النسخ، لأنه اختيار المؤلف.
(¬٣) كذا في بعض المصادر "جَمْعُ"، وفي بعضها كما في الخراج ليحيى بن آدم (٩١): "جَمْعًا"، ومثله في نصب الراية للزيلعي ٣/ ٣٩٧، وعليها شرح العظيم آبادي في عون المعبود ٨/ ١٧٣، فقال: "جَمْعًا" كذا في النُّسخ، أي: جميعًا، حالٌ من الضمير المنصوب في "قَسَمها"؛ أي: قَسَم خيبَر جميعًا. وفي بعض النُّسخ "جَمْعُ" مكان "جمعًا" بالبناء على الضمِّ، وإنما بُنيَ لكونه مقطوعًا عن الإضافة؛ إذْ أصلُه: جميعًا، أي: جَمْعُ خيبرَ، وإنما بُنيَ على الحركة ليُعْلَمَ أنّ لها عِرْقًا في الإعراب، وإنما بُنيَ على الضمّ جَبْرًا بأقوى الحركات؛ لَما لحِقَها من الوهنْ بحذف المحتاج إليه؛ أعني: المضافَ إليه، لأنّه دالٌّ على معنًى نسبيٍّ لا يَتِمُّ إلّا بغيره، وإنّما لم يَبْنِ "جَمْعًا"؛ لأنَّ التنوين عِوَضٌ عن المضاف إليه، فكأنّ المضاف إليه ثابتٌ بثُبوت عِوَضه. وفي نُسخه المنذريّ "مُجْمَعٌ" بَدَلُ "جَمْعًا" وهو أيضًا كالجَمْع فيما ذُكر من كونه بمعنى الجميع، وكونُه مبنيًّا على الضمِّ بما سلف، كذا أفاده بعضُ "الأماجد" انتهى كلامه.

الصفحة 423