كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

والمقدادُ بنُ الأسودِ إلى أموالِنا بخيبرَ نتعهَّدُها، فلمَّا قدِمْنا تفرَّقْنا في أموالِنا، قال: فعُدِيَ عليَّ تحتَ الليلِ وأنا نائمٌ، ففُدِعَتْ (¬١) يدايَ مِن مِرفَقَيَّ، فلمَّا أصبحْتُ استصْرخَ عليَّ صاحِبايَ فأتياني، فسألاني: مَن صنَع هذا بك؟ فقلتُ: لا أدري. قال: فأصلَحا مِن يدَيَّ، ثم قدِما بي على عمرَ، فقال: هذا عملُ يهودَ (¬٢). ثم قام في الناسِ خطيبًا، فقال: أيُّها الناسُ، إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان عامَل يهودَ خيبرَ على أنَّا نُخرِجُهم إذا شِئنا، وقد عَدَوْا على عبدِ الله بنِ عمرَ، ففدَعُوا يدَيْهِ كما قد بلَغكم، مع عدْوَتِهم على الأنصاريِّ قبلَه، لا نشكُّ أنَّهم أصحابُه، ليس لنا عدوٌّ غيرُهم، فمَن كان له (¬٣) مالٌ بخيبرَ (¬٤) فليَلْحقْ به، فإنِّي مخرِجٌ يهودَ. فأخرجَهم.
وروى الحجّاجُ بنُ أرطاةَ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- دفَع خيبرَ إلى أهلِها بالشَّطرِ، فلم يزَلْ معهم حياةَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- كلَّها، وحياةَ أبي بكرٍ كلَّها، حتى بعَثني إليهم عمرُ لأُقاسِمَهم، فسحَروني فتكَوَّعَتْ (¬٥) يدايَ فانتزَعَها عمرُ منهم (¬٦).
---------------
= وأخرجه البزار في مسنده ١/ ٢٥٨ (١٥٤) من طريق يحيى بن سعيد الأمويّ، عن محمد بن سابق، به. وهو عند البخاري (٢٧٣٠) من طريق مالك، عن نافع مولى ابن عمر، به.
(¬١) والفَدَعُ: إزالةُ المفاصِل عن أماكنها، بأن تَزيغَ اليَدُ عن عَظْم الزَّنْدِ، والرِّجلُ عن عظْم الساقِ. غريب الحديث لابن الجوزيّ ٢/ ١٨١.
(¬٢) من قوله: "ثم قدما بي" إلى هنا، لم يرد في د ١.
(¬٣) شبه الجملة لم يرد في د ١.
(¬٤) كذلك.
(¬٥) في ج: "فكوِّعت". والكَوَعُ: أن تعوَجَّ اليدُ من قِبَل الكُوع. والكُوعُ: رأسُ اليدِ ممّا يلي الإبهام.
والكُرسوعُ رأسُه ممّا يلي الخِنْصَرِ. غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٣٩٤، واللسان مادة (كوع).
(¬٦) أخرجه أحمد في المسند ٨/ ٤٦٢ (٤٨٥٤)، وابن شبّة في تاريخ المدينة ١/ ١٨٤ عن يزيد بن هارون، عن الحجّاج بن أرطاة، به. وإسناده ضعيف لضعف الحجاج بن أرطاة، وبقيّة رجاله ثقات، ومعناه صحيح بما سلف في الذي قبله.

الصفحة 434