كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

ويدَّخرَ، والآخرُ أنْ يأكلَ، فحينئذٍ يجوزُ لهم قسمَتُها بالخرصِ إذا وجِد مِن أهلِ المعرفةِ مَن يعرِفُ الخرصَ، وإنْ لم تختلِفْ حاجاتُهم لم يجُزْ ذلك لهم، وإن اتَّفقوا على أنْ يبيعوا، أو على أنْ يأكُلوها رطبًا أو تمرًا، أو على أن يَجُدُّوها تمرًا، لم يقسِموها بالخرصِ.
[قال سائرُ أهل العلم: لا تحوزُ القسمةُ في شيءٍ من ذلك كلِّه إلّا على أصلِه، مع اختلافِهم في ذَلك أيضًا] (¬١).
وأمَّا الشافعيُّ فتحصيلُ مذهبِه أنَّ الشُّركاءَ في النَّخلِ والشَّجرِ المثمرِ إذا اقتُسمَتِ الأُصولُ بما فيها مِن الثمرةِ، جاز؛ لأنَّ الثمرةَ تبعٌ للأُصولِ، وكأنَّ كلَّ واحدٍ منهم قد باعَ حصَّتَه مِن عراجينِ النَّخلِ وأغصانِ الشَّجرِ بحصَّةِ شريكِه في الثَّمرِ، وكذلك الأرضُ إذا قسِمَتْ عندَه مزروعةً، كان الزَّرعُ تبعًا للأرضِ في القسمةِ، والقسمةُ عندَه مخالفةٌ للبُيوع، قال: لأنّها تجوزُ بالقرعةِ، والبيعُ لو وقَع على شرطٍ لم يجُزْ أيضًا، فإنَّ الشَّريكَ يُجبَرُ على القَسْم، ولا يجبَرُ على البيع. وأيضًا، فإنَّ التَّحابيَ في قسمةِ الثمرةِ وغيرِها جائزٌ، وذلك معروفٌ وتطوُّعٌ، ولا يجوزُ ذلك في البيع. ولا يجوزُ عندَ الشافعيِّ قسمةُ الثمرةِ قبلَ طيبِها بالخرصِ على حالٍ، ويجوزُ عندَه قسمتُها مع الأُصولِ على ما ذكرنا. وقد قال في كتابِ الصَّرفِ (¬٢): يجوزُ قسمتُها بالخرصِ إذا طابَتْ وحلَّ بيعُها. والأوَّلُ أشهرُ في مذهبِه عندَ أصحابِه.
---------------
(¬١) هذه الفقرة برمتها لم ترد في د ١.
(¬٢) من كتاب الأمّ ٣/ ٨٤، وقال: "ومن اشترى نخلًا فيها ثمر قد أُبِّرت، فالثّمرةُ للبائع إلّا أن يشترط المُبتاعُ، فإن اشتَرطَها المُبتاع فجائزٌ مِن قِبَلِ أنها في نخْلِه، وإن كانت لم تؤبَّر فهي للمُبتاع، وإن اشتَرطَها البائعُ فذلك جائز؛ لأن صاحبَ النَّخل تَرك له كينونة الثَّمرةِ في نخله حين باعَهُ إيّاها إذا كان استثنى على أن يقطعها، فإن استثنى على أن يُقرّها فلا خيرَ في البيع، لأنه باعه ثمرةً لم يَبْدُ صلاحُها". =

الصفحة 439