كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

ذكر عبدُ الرَّزَّاقِ (¬١)، قال: أخبرنا ابنُ جريج، عن أبي الزُّبيرِ، أنّه سمِع جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: خرَص ابنُ رواحةَ أربعينَ ألفَ وسَقٍ، وزعَم أن اليهودَ لما خيَّرهم (¬٢)، أخَذوا الثمرَ، وأدَّوا عشرينَ ألفَ وسَقٍ.
قال ابنُ جريج (¬٣): قلتُ لعطاءٍ: فحقٌّ على الخارصِ إذا استكثَر سيِّدُ المالِ الخرصَ أن يخيِّره، كما خيَّر ابنُ رواحةَ اليهودَ. قال: إي لعَمْري، وأيُّ سُنَّةٍ خيرٌ من سُنَّةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قال (¬٤): وقلتُ لعطاءٍ: متى يُخرَصُ النخلُ؟ قال: حينَ يُطعمُ.
قال (¬٥): وأخبرنا ابنُ جريج، عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ، عن عائشةَ، أنّها قالت، وهي تذكُرُ شأنَ خيبرَ: كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يبعَثُ عبدَ الله بنَ رواحةَ إلى اليهودِ، فيخرُصُ النخلَ حينَ يطيبُ أولُ الثمرِ قبلَ أن يؤكلَ منه، ثم يخيِّرُ يهودَ أن يأخُذوها بذلك الخرصِ أو يدفعوها إليه بذلك، وإنما كان أمرُ النبيِّ عليه السلامُ بالخرصِ، لكي تُحصىَ الزكاةُ قبل أن تؤكلَ الثمارُ وتفرَّقَ.
واختلَف الفقهاءُ في الخرصِ على صاحبِ النخلِ والعنبِ للزكاةِ، بعدَ إجماعِهم على أن الخرصَ لا يكونُ في غيرِ النخلِ والعنبِ، لحديثِ عتَّابِ بنِ أَسِيدٍ:
---------------
(¬١) في المصنَّف ٤/ ١٢٤ (٧٢٠٥) ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الزُّبير: هو مسلم بن تدرس المكّي. وكلاهما مدلّس ولم يصرِّحا بالسَّماع.
(¬٢) في ج: "أخبرهم".
(¬٣) في المصنَّف ٤/ ١٢٤ (٧٢٠٦)، وفي المطبوع منه "عن ابن جريج قال: قال لي عطاء" بدل "قلت لعطاء". وعطاء: هو ابن أبي رباح.
(¬٤) عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ١٢٨ (٧٢١٧).
(¬٥) في المصنَّف ٤/ ١٢٨ (٧٢١٩).

الصفحة 441