كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه، وسائرُ الكوفيِّين: قيمةُ الغرَّةِ خمسُ مئةِ درهم.
وهو قولُ إبراهيمَ، والشعبيِّ. وقال المغيرةُ: خمسون دينارًا.
وقال الشافعيُّ: سِنُّ الغرَّةِ سبعُ سنين، أو ثماني سنين، وليس عليه أن يقبلَها معيبةً (¬١). وقال داودُ: كلُّ ما وقَع عليه اسمُ غرَّةٍ (¬٢).
واختلفوا في صفةِ الجنينِ الذي تجبُ فيه الغرَّةُ ما هو؟ فقال مالكٌ: ما طَرَحتْه من مُضغةٍ أو علقةٍ أو ما يُعلمُ أنّه ولا ففيه الغرَّةُ (¬٣). وقال الشافعيُّ: لا شيءَ فيه حتَّى يتبيَّنَ من خلقِه شيءٌ (¬٤).
قال مالكٌ: إذا سقَط الجنينُ فلم يستهلَّ صارخًا ففيه الغرَّةُ، وسواءٌ تحرَّك أو عطَس ففيه الغرَّةُ أبدًا حتى يستهلَّ صارخًا، فإن استَهَلَّ صارخًا ففيه الديةُ كاملة (¬٥). وقال الشافعيُّ وسائرُ الفقهاءِ: إذا عُلِمتْ حياتُه بحركةٍ أو بعُطاسٍ أو باستهلالٍ أو بغر ذلك مما تُستيقَنُ به حياتُه، ثم مات، ففيه الديةُ كاملةً (¬٦).
وجماعةُ فقهاء الأمصارِ يقولون في المرأةِ إذا ماتت من ضرْبِ بطنِها، ثم خرَج الجنينُ ميتًا بعد موتِها: إنّه لا يُحكمُ فيه بشيءٍ، وإنَّه هَدْر إذا ألقَتْه بعد موتِها، إلّا الليثَ بنَ سعدٍ وداودَ فإنَّهما قالا: إذا ضُرِب بطنُ المرأةِ وهي حيَّةٌ، فألقَتْ جنينًا ميِّتًا، ففيه الغُرَّةُ، وسواءٌ رمَتْه بعدَ موتِها أو قبلَ موتِها. اعتبَرا حياةَ أمِّه في
---------------
(¬١) الأمّ للشافعيّ ٦/ ١١٧، وينظر: مختصر المُزني ٨/ ٣٥٦.
(¬٢) نقله عنه أبو الوليد ابن رشيد في المقدّمات الممهدات ٣/ ٢٩٨، وابن رشد الحفيد في بداية المجتهد ٤/ ١٩٨.
(¬٣) المدوّنة ٤/ ٦٣٠. وينظر: بداية المجتهد لابن رشد الحفيد ٤/ ١٩٩.
(¬٤) الأمّ للشافعيّ ٦/ ١١٥.
(¬٥) المدوّنة ٤/ ٦٣١.
(¬٦) قوله: "كاملة" لم يرد في د ١. ينظر: الأمّ للشافعي ٦/ ٢٣٧، والمجموع شرح المهذَّب للنَّوويّ ١٦/ ١٠٩.

الصفحة 458