كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

ونفسٍ لا تشبَع، أعوذُ بك يا ربِّ من شرِّ هذه الأربع" (¬١). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهمَّ إني أعوذُ بك مِن الجوع، فإنَّهُ بئسَ الضَّجيع، وأعوذُ بك من الخيانة، فإنها بئسَت البِطانة" (¬٢). ومثلُ هذا كثيرٌ، وفيه دليلٌ على أنَّ حَسَنَ التَّسجيع حَسَنٌ، وقَبِيحَه قبيحٌ، كما النثرُ والنظمُ وسائرُ الكلام.
وأمَّا جنينُ الأمةِ، فاختلافُ العلماءِ فيه لا يُشبِهُ اختلافَهم في جنينِ الحُرَّةِ؛ فأمَّا مالكٌ، وأهلُ المدينةِ، والشافعيُّ، ومن قال بقولهم، فقالوا في جنينِ الأمَةِ: إن وقَع ميِّتًا مِن ضربةِ الضارِبِ لأُمِّه، ففيه عُشرُ قيمةِ أُمِّه، ذكرًا كان الجنينُ أو أُنثى (¬٣).
وقال الثوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه: إن كان جنينُ الأمَةِ غلامًا، ففيه نصفُ عُشرِ قيمةِ نفسِه، لا قيمةِ أمِّه، فإن كانت أُنثى فعُشرُ قيمتِها نفسِها (¬٤) لو
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في المسند ٢١/ ٤٢٢ (١٤٠٢٤)، والنسائي في المجتبى (٥٤٧٠)، وفي الكبرى ٧/ ٢٠٦ (٧٨٢١)، والطبراني في الدُّعاء (١٣٦٧)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٠٤ من طرقٍ عن حفص بن خليفة، عن حفص بن عمر، عن أنسٍ رضي الله عنه.
وإسناده جيِّد، خلف بن خليفة هو الأشجعي الكوفي، وحفص بن عمر: هو المدني المعروف بابن أخي أنس بن مالك صدوقان لا بأس بهما. وبعضه عند مسلم (٢٧٢٢) من حديث أبي عثمان النهدي، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.
(¬٢) أخرجه أبو داود (١٥٤٧)، والنسائيُّ في المجتبى (٥٤٦٨)، وفي الكبرى ٧/ ٢١٦ (٧٨٥١)، وابن حبان في صحيحه ٣/ ٣٥٤ (١٠٢٩) من طرق عن عبد الله بن إدريس عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبُريّ عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وإسناده حسن، ابن عجلان: هو محمد بن عجلان المدني صدوق وفي حديثه عن أبي هريرة كلام كما في تقريب التهذيب (٦١٣٦)، وباقي رجاله ثقات.
وهو عند ابن ماجة (٣٣٥٤) من طريق أخرى فيها ليث بن أبي سُليم وهو ضعيف.
(¬٣) يُنظر: المدوّنة ٤/ ٦٣٢، ٦٣٣، والأُمّ للشافعيّ ٢/ ٢١٠ و ٦/ ١١٧، ١١٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٥/ ٢٠٣، والمغني لابن قدامة ٨/ ٤١٠.
(¬٤) قوله: "نفسها" لم يرد في د ١.

الصفحة 465