كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)
ولمالكٍ عنه في "الموطأ" من حديث النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حديثان، أحدهما: متَّصلٌ مسندٌ، والآخر: مرسلٌ (¬١).
حديث أول لزياد بن سَعْد
مالكٌ (¬٢)، عن زيادِ بنِ سَعْدٍ، عن عَمْرِو بنِ مُسلم، عن طاوُوس اليمانيِّ، أنّه قال: أدْرَكْتُ ناسًا مِن أصحابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون: كلُّ شيءٍ بقدَر.
قال طاوُوسٌ: وسمِعتُ عبدَ الله بنَ عمرَ يقولُ: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"كلُّ شيءٍ بقدَرٍ، حتى العَجْزُ والكَيْسُ، أو الكَيْسُ والعَجْزُ" (¬٣).
هكذا رواه يحيى على الشَّكِّ في تقديم إحدَى اللَّفْظتين، وتابَعَه ابنُ بُكَيْر، وأبو المُصْعبِ (¬٤)، ورواه القَعْنَبيُّ (¬٥) وابنُ وَهْبٍ موقُوفًا، لم يَزِيدوا على قوله:
---------------
(¬١) هكذا في النسخ كافة، وهو يخالف ما سيذكره في هذه الترجمة، إذ ذكر له ثلاثة أحاديث، أولها: مسند، وثانيها: مرسل، والثالث: موقوف. وقد جاء في تجريد التمهيد (ص ٥٥) بدل هذه العبارة: "ثلاثة أحاديث، أحدها: متصل مسند، والثاني: مرسل عند أكثر الرواة، والثالث: موقوف"، وهو الموافق لواقع الحال.
(¬٢) الموطأ ٢/ ٤٨٠ (٢٦١٩).
(¬٣) وقوله: "حتّى العَجْزُ والكَيْسُ، أو الكَيْسُ والعَجْزُ" قال القاضي عياض: رويناه بالضمِّ على العطف على "كلُّ"، وبالخفض على العطف على "شيءٍ". قال: والعجزُ هنا يحتمل أن يكون على ظاهره، وهو عدم القُدرة. وقيل: هو تَرْك ما يجب فِعْلُه، والتَّسويفٌ فيه وتأخيرُه عن وقته. وقيل: يحتمل أن يريد بذلك عمل الطاعات، ويحتمل أن يريد عُموم أمور الدنيا والآخرة.
قال: وإدخال مالكٍ وأهلِ الصحيح له في كتاب القَدَر دليلٌ على أنّ المراد بالقَدَر هاهنا: ما قدَّره تعالى وأراده من خَلقه، ومعناه أنّ العاجز قد قدِّر عجزُه، والكيِّسُ قد قدِّر كَيْسُه. (إكمال المعلم شرح صحيح مسلم ٨/ ٧٠). وينظر: التعليق للوقشي ٢/ ٣١١.
(¬٤) وهو في موطئه ٢/ ٧٢ (١٨٨٠).
(¬٥) وروايته عند الجوهريِّ في مسند الموطأ (٣٧٠)، تم ذكر ما سيذكره المصنِّف هنا من عدم وقوع الزيادة المذكورة عند يحيى من قوله: "أو الكيس والعَجْز"، فقال: وليست هذه الزِّيادة عند ابن وهبٍ ولا القعنبيِّ ولا في بعض ما رُويَ عن ابن القاسم، وهي عند غيرهم.