كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)
وفيما أجاز لنا أبو ذَرٍّ عبدُ بنُ أحمدَ الهرَويُّ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ وَهْبٍ السَّقَطِيُّ بالبصرة، قال: حدَّثنا أبو زيدٍ خالدُ بنُ النَّضِر، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ حَرْبٍ أبو الحسنِ المَوْصليُّ، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ يزيدَ العَدَويُّ، قال: حدثني عبدُ العزيزِ بنُ أبي روَّادٍ، قال: سمِعتُ عطاءَ بنَ أبي رباح يقولُ: كنتُ عندَ ابنِ عباسٍ، فأتاه رجلٌ فقال: أرأيتَ مَن حرَمَني الهُدَى، وأوْرَثَني الضلالةَ والرَّدَى، أتراه أحْسنَ إليَّ أو ظلَمَني؟ فقال ابنُ عبّاسٍ: إن كان الهُدَى شيئًا كان لك عندَه، فمنَعكَه، فقد ظلَمكَ، وإنْ كان الهُدَى له، يُؤْتيه مَن يشاءُ، فما ظلَمكَ شيئًا، ولا تُجالِسْني بعدَه (¬١).
وقد رُوي أنَّ غَيْلانَ القَدَريَّ وقَفَ بربيعَةَ بنِ أبي عبدِ الرحمنِ، فقال له (¬٢): يا أبا عثمانَ، أرأيْتَ الذي منَعَني الهُدَى، ومنَحَني الرَّدَى، أأحْسَنَ إليَّ أمْ أساءَ؟ فقال ربيعةُ: إن كان منَعك شيئًا هو لك، فقد ظلَمكَ، وإن كان فضْلَه يُؤْتِيه مَن يشاءُ، فما ظلَمكَ شيئًا.
وإنَّما أخَذَه ربيعةُ مِن قولىِ ابنِ عباسٍ هذا، واللهُ أعلمُ: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] {لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: ٤٤]، و {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣]،.
ذكر عبدُ الرزاقِ (¬٣)، عن مَعمرٍ، عن ابنِ طاوُوسٍ، عن أبيه، عن ابنِ عبّاس، أنّه قال له رجلٌ: يا أبا العباس، إنَّ ناسًا يقولونَ: إنَّ الشرَّ ليس بقَدَرٍ. فقال:
---------------
(¬١) أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (١٢٢٦) و (١٢٢٧) من طريق عليّ بن حرب، به.
(¬٢) شبه الجملة لم يرد في د ١، ج.
(¬٣) في المصنَّف ١١/ ١١٤ (٢٠٠٧٣)، وأخرجه عنه ابن راهوية في مسنده (٨٢٤)، وأخرجه ابن بطة في الإبانة (١٢٩٤) و (١٦١٦)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٩٧٠)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٣١٧ من طريق ابن راهوية عن عبد الرزاق، به.