كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)
وذكر الفريابيُّ (¬١)، عن قيسِ بنِ الرَّبيع، عن عطاءِ بنِ السَّائب، عن عبدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ (¬٢)، قال: نزلَتْ في قوم أخرَجوا في زكاةِ أموالِهم الحشفَ والدِّرْهَمَ الرَّديء. قال: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. قال: ولو أنَّ لك حقًّا على رجلٍ لم تأخُذْ ذلك منه.
قال: وحدَّثنا ورقاء (¬٣)، عن ابنِ أبي نَجِيح، عن مجاهدٍ، قال: كانوا يتصدَّقون بالحشَفِ، فنُهوا عن ذلك، وأُمروا أن يتصدَّقوا بطيِّب. قال: وفي ذلك نزَلَتْ: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}.
قال أبو عمر: هذا بابٌ مجُتمَعٌ عليه لا اختلافَ فيه، أنّه لا يُؤخذُ هذان اللَّونان مِن التَّمرِ في الصَّدقةِ إذا كان معهما غيرُهما، فإن لم يكنْ معهما غيرُهما أُخذَ منهما، وكذلك الرَّديءُ (¬٤) كلُّه لا يُؤخذُ منه إذا كان معه غيرُه؛ لأنّه حينئذٍ تَيمُّمٌ للخبيثِ إذا أُخرجَ عن غير.
قال مالكٌ: لا يأخذُ المصدِّقُ الجُعرورَ، ولا مُصرانَ الفأرةِ، ولا عذقَ ابنِ حُبيق، ولا يأخذُ البُرْدِي (¬٥). والبُرديُّ مِن أجودِ التَّمر، فأرادَ مالكٌ ألا يأخذَ الرَّديءَ جدًّا، ولا الجيِّدَ جدًّا، ولكنْ يأخذُ الوسطَ. قال مالكٌ: ومثلُ ذلك السِّخالُ (¬٦)؛ تُعدُّ مع الغنم على صاحبِها ولا تُؤخذ (¬٧).
---------------
(¬١) هو محمد بن يوسف الفريابي، أبو عبد الله الضَبيِّ مولاهم.
(¬٢) في ج: "معقل".
(¬٣) هو ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري، أبو بشر الكوفي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نجيح
يسار المكّي، أبو يسار الثقفي مولاهم، ومجاهد: هو ابن جبر، ويقال: ابن جُبير، أبو الحجّاج القرشي
المخزوميّ. وهم ثقات. وهذا الأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦٠ للفريابي وسفيان بن عيينة.
(¬٤) في د ١: "الدنيء".
(¬٥) قاله في الموطّأ ١/ ٣٦٣ بإثر الحديث (٧٢٥).
(¬٦) بعدها في ق: "من الغنم"، ولا معنى لها، لقوله بعدها: "تعد مع الغنم"، والمثبت من د ١، ج.
(¬٧) قاله في الموطّأ ١/ ٣٦٣ بإثر الحديث (٧٢٥).