كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 4)

وكذلك أيضًا حديثُ عمرانَ بنِ حُصينٍ في ذلك لا يصحُّ (¬١)؛ لأنّه يدورُ على محمدِ بنِ الزُّبيرِ الحنظليِّ، وهو ضعيفٌ، في حديثه مناكيرُ، لا يختلِفونَ في ذلك. وعلى ما ذكَرْتُ لكَ: أنْ لا كفَّارةَ على من نذَر معصيةً إلّا تَرْكُها، فُقهاءُ الحجازِّيينَ؛ منهم: مالكٌ، والشافعيُّ، ومَن تابعَهم (¬٢).
---------------
= المجتبى ٧/ ٢٦ - ٢٧، وأبو يعلى (٤٧٨٣)، والطبراني في الأوسط (٤٦٠٤)، والبيهقي ١٠/ ٦٩، والبغوي (٢٤٤٧) من طرق عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، فذكره، وقال الترمذي: "هذا حديث لا يصح، لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة، سمعت محمدًا (يعني البخاري) يقول: روى غير واحد منهم: موسى بن عقبة، وابن أبي عتيق عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال محمد: والحديث هو هذا". ومثل ذلك قال البخاري في تاريخه الكبير ٤/ ٢، والدارقطني في العلل (٣٦٤٢)، وتنظر تفاصيل ذلك كله في كتابنا: المسند المصنَّف المعلل ٣٨/ ٣٩٠ - ٣٩٣ (١٨٣٨٢).
على أنّ معنى الحديث صحيح، ففي صحيح مسلم (١٦٤٥) من حديث أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، عن عقبة بن عامر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كفارة النذر كفارة اليمين".
(¬١) أخرجه الطيالسي في مسنده ٢/ ١٧٧ (٨٧٨)، وأحمد في المسند ٣٣/ ١٧٤ (١٩٩٥٥)، والنسائي (٣٨٤٠) (٣٨٤٦)، والبزار في مسنده ٩/ ٤٢ (٣٥٦١)، والروياني في مسنده (٧٩)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٥/ ٤٠٦ (٢١٦٠) و (٢١٦١) من طرقٍ عن محمد بن الزُّبير الحنظلي، عن أبيه، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نَذْرَ في غضبٍ، وكفّارته كفّارة يمين".
وإسناده ضعيف جدًّا، محمد بن الزبير الحنظلي البصري، متروك الحديث، وقال النسائي: "قيل: إن الزُّبير لم يسمع من عمران" ويغني عنه حديث عقبة بن عامر السالف ذكره في التعليق السابق، قال عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٢: "وهذا حديث مستقيم السَّند، صحيح المتن، وهو يُوجب الكفّارة عند فوات النذور".
(¬٢) وقد أوضح ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ٨٥ أوجُه الاختلاف بين الفقهاء وأصحاب المذاهب في نَذْر المعصية وسببه، فقال: "اختلفوا فيمَن نذر معصيةً، فقال مالك والشافعيُّ وجمهور العلماء: ليس يلزمه في ذلك شيءٌ. وقال أبو حنيفة وسفيان والكوفيُّون: بل هو لازمٌ، واللازمُ عندهم فيه هو كفّارةُ يُمينٍ، لا فِعلُ المعصية. =

الصفحة 87