كتاب مسند إسحاق بن راهويه (اسم الجزء: 4)

1833 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَامِرٍ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصْبِحُ جُنُبًا مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ يَصُومُ فَرَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ فُتْيَاهُ»

1834 - أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ
1835 - أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَصُلْبُ الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " §لَمَّا فُتِنَ أَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَخَرَجْنَا أَرْسَالًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَصَبْنَا خَيْرَ دَارٍ، وَأَصَبْنَا قَرَارًا، وَجَاوَرْنَا رَجُلًا حَسَنَ الْجِوَارِ -[72]-، وَائْتَمَرَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيْهِ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ مِنْ طَرَائِفِ بِلَادِهِمْ مِنَ الْأُدُمِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ الْأُدُمُ يَعْجَبُ النَّجَاشِيَّ أَنْ يُهْدَى إِلَيْهِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِبَطَارِقَتِهِ فَفَعَلُوا أَوْ بَعَثُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْنَا، فَلَمَّا قَدِمَا قَدَّمَا لِلْبَطَارِقَةِ الْهَدَايَا وَوَصَفَا حَاجَتَهُمْ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ شُبَانًا فِينَا خَرَجُوا، وَقَدِ ابْتَدَعُوا دِينًا سِوَى دِينِكَ وَدِينِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِنَا وَدِينٍ لَا نَعْرِفُهُ مِنَ الْأَدْيَانِ فَارَقُوا بِهِ أَشْرَافَهُمْ وَخِيَارَهُمْ وَأَهْلَ الرَّأْيِ مِنْهُمْ فَانْقَطَعُوا بِأَمْرِهِمْ مِنْهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَيْكَ لِتَمْنَعَهُمْ مِنْ عَشَائِرِهِمْ وَآبَائِهِمْ، وَكَانُوا هُمْ بِهِمْ أَعْلى عَيْنًا فَارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا لِنَرُدَّهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ فَارْدُدْهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ بِقَوْمِهِمْ فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَفْعَلُ، قَوْمٌ نَزَلُوا بِلَادِي، وَلَجَئُوا إِلَيَّ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا فَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَا تَكَلَّمُونَ بِهِ الرَّجُلَ، فَقَالُوا: نُكَلِّمُهُ بِالَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ فَجَمَعَ بَطَارِقَتَهُ وَأَسَاقِفَتَهُ، وَأَمَرَهُمْ فَنَشَرُوا الْمَصَاحِفَ حَوْلَهُ فَتَكَلَّمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ فَارَقْتُمْ دِينَهُمْ، وَلَمْ تَتَّبِعُوا دِينِي وَلَا دِينَ الْيَهُودِ فَأَخْبِرَانِي بِدِينِكُمُ الَّذِي فَارَقْتُمْ بِهِ قَوْمَكُمْ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: كُنَّا عَلَى دِينِهِمْ وَأَمْرِهِمْ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَعَفَافَهُ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَرَنَا بِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَكُلِّ مَا تَعْرِفُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ، وَتَلَا عَلَيْنَا تَنْزِيلًا لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ فَصَدَّقْنَاهُ، وَآمَنَّا بِهِ، وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَفَارَقْنَا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْمَنَا فَآذُونَا وَقَسُونَا، فَلَمَّا بَلَغَ مِنَّا مَا -[73]- نَكْرَهُ وَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَمَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَخْرُجَ إِلَى بِلَادِكَ اخْتِيَارًا لَكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ لِتَمْنَعَهُمْ مِنَ الظُّلْمِ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: فَهَلْ مَعَكُمْ مِمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ تَقْرَءُونَهُ عَلَيَّ فَقَالَ جَعْفَرٌ: نَعَمْ، فَقَرَأَ جَعْفَرٌ كهيعص، فَلَمَّا قَرَأَهَا عَلَيْهِ بَكَى النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ، قَالَ: وَأُرَاهُ قَالَ: وَلِحَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ وَالْكَلَامَ الَّذِي جَاءَ مُوسَى لَيَخْرُجَانِ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمُ إِلَيْكُمَا وَلَا أُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمَا فَالْحَقَا بِشَأَنْكُمَا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَخَرَجَا مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودٌ أَمْرُهُمَا، فَقَالَ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا بِقَوْلٍ أَبْتَرُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لِلْقَوْمِ رَحِمًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا فَمَا نُحِبُّ أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَا عَلَيْهِ، فَقَالَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ عَبْدٌ , فَسَلْهُمْ عَنْ ذَلِكَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَمَا نَزَلَ بِنَا قَطُّ مِثْلُهَا، قَالُوا: قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ عِيسَى إِلَهُهُ الَّذِي يُعْبَدُ، وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ نَبِيَّكُمْ جَاءَكُمْ بِأَنَّهُ عَبْدٌ، وَأَنَّ مَا يَقُولُونَ هُوَ الْبَاطِلُ، فَمَاذَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: نَقُولُ بِمَا جَاءَ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: نَقُولُ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ فَأَخَذَ النَّجَاشِيُّ عُودًا، وَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى مَا تَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا الْعُودِ قَالَ فَنَخِرَتْ أَسَاقِفَتُهُ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخِرْتُمُ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ شُيُومٌ بِأَرْضِي يَقُولُونَ: أَنْتُمْ آمِنُونَ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ مَا أُحِبُّ أَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ وَأَنَّ لِي دَبْرًا مِنْ ذَهَبٍ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِهِمُ الْجَبَلُ، وَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رِشْوَةً حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، وَمَا أَطَاعَ اللَّهُ فِيَّ النَّاسَ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ -[74]- قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَجَعَلْنَا نَتَعَرَّضُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَصَاحِبِهِ أَنْ يَسُبَّانَا فَيُغَرِّمَهُمَا، فَخَرَجَا خَائِبَيْنِ، وَأَقَمْنَا فِي خَيْرِ دَارٍ وَفِي خَيْرِ جِوَارٍ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ قَدْ آمَنَّا، وَاطْمَئْنَنَّا إِذْ شَعَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَنَازَعَهُ فِي الْمُلْكِ، فَمَا عَلِمْنَا أَصَابَنَا خَوْفٌ أَشَدَّ مِمَّا أَصَابَنَا عِنْدَ ذَلِكَ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَيَتَبَوَّأَ مِنَّا مَنْزِلَنَا وَيَأْتِينَا رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنَّا مِثْلَ مَا كَانَ يَعْرِفُ النَّجَاشِيُّ، وَكُنَّا نَدْعُو لَيْلًا وَنَهَارًا أَنْ يُعِزَّهُ اللَّهُ وَيُظْهِرَهُ فَخَرَجَ النَّجَاشِيُّ سَائِرًا إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقُلْنَا: مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا يَفْعَلُ الْقَوْمُ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا، وَكَانَ أَحْدَثَهُمْ سِنًا فَأَخَذَ قِرْبَةً، فَفَتَحَهَا، ثُمَّ رَبَطَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ وَقَعَ فِي النِّيلِ وَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، ثُمَّ الْتَقَى الْقَوْمُ نَاحِيَةَ الْقُصْوَى فَهُزِمَ جُنْدُ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَأَقْبَلَ الزُّبَيْرُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ شَطِّ النِّيلِ أَلَاحَ بِثَوْبِهِ وَصَرَخَ أَبْشِرُوا فَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ النَّجَاشِيَّ وَأَظْهَرَهُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ: فَمَا أَذْكُرُنِي فَرِحْتُ فَرَحًا قَطُّ مِثْلَهُ حِينَ بَدَا أَنْ يَقُومَ قَوْمٌ يَأْتُوا مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ كُرْهٍ "

الصفحة 71