كتاب مسند إسحاق بن راهويه - ت البلوشي (اسم الجزء: 4)

فَقَالَ جَعْفَرٌ : نَعَمْ ، فَقَرَأَ جَعْفَرٌ {كهيعص} ، فَلَمَّا قَرَأَهَا عَلَيْهِ بَكَى النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَكُمْ (1)، قَالَ : وَأُرَاهُ قَالَ : ونجاهم(2)، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ : وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْكَلاَمَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي جَاءَ مُوسَى لَيَخْرُجَانِ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لاَ أُسْلِمُهُمُ إِلَيْكُمَا وَلاَ أُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمَا فَالْحَقَا بِشَأَنْكُمَا ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَخَرَجَا مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودٌ أَمْرُهُمَا ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُ غَدًا بِقَوْلٍ أَبْتَرُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ : لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ لِلْقَوْمِ رَحِمًا ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا فَمَا نُحِبُّ أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلاَ عَلَيْهِ ، فَقَالاَ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ عَبْدٌ , فَسَلْهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَمَا نَزَلَ بِنَا قَطُّ مِثْلُهَا ، قَالُوا : قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ عِيسَى إِلَهُهُ الَّذِي يُعْبَدُ ، وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ نَبِيَّكُمْ جَاءَكُمْ بِأَنَّهُ عَبْدٌ ، وَأَنَّ مَا يَقُولُونَ هُوَ الْبَاطِلُ ، فَمَاذَا تَقُولُونَ ؟ فَقَالُوا : نَقُولُ بِمَا جَاءَ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ : نَقُولُ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتيلِ (3)، فَأَخَذَ النَّجَاشِيُّ عُودًا ، وَقَالَ : مَا عَدَا عِيسَى مَا تَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا الْعُودِ ، قَالَ : فَنَخِرَتْ أَسَاقِفَتُهُ ، فَقَالَ : وَإِنْ نَخِرْتُمُ اذْهَبُوا ، فَأَنْتُمْ شُيُومٌ بِأَرْضِي ، يَقُولُونَ : أَنْتُمْ آمِنُونَ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ مَا أُحِبُّ أَنِّي آذَيْتُ رَجُلا مِنْكُمْ وَأَنَّ لِي دَبْرًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِهِمُ الْجَبَلُ ،
_حاشية__________
(1) في حاشية المطبوع : في "السير والمغازي" لابن إسحاق : "مصاحفهم".
(2) هكذا في المطبوع : "ونجاهم" ، ولعلها "ولِحاهم".
(1) في حاشية المطبوع : هكذا جاء عند المؤلف في الأصل ، وجاء عند غيره "البتول".

الصفحة 73