كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

بِالْمَاءِ وَأَرَادَ البُخَارِيّ بأثر بن عُمَرَ هَذَا مُعَارَضَةَ مَا جَاءَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِأَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّ وَكِيعًا رَوَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلصَّائِمِ بَلَّ الثِّيَابِ قَوْلُهُ وَدَخَلَ الشّعبِيّ الْحمام وَهُوَ صَائِم وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِم ومناسبته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة قَوْله وَقَالَ بن عَبَّاسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ طَعَامَ الْقِدْرِ أَوِ الشَّيْءَ وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَاعَمَ الْقِدْرَ وَرُوِّينَاهُ فِي الْجَعْدِيَّاتِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَاعَمَ الصَّائِمُ بِالشَّيْءِ يَعْنِي الْمَرَقَةَ وَنَحْوَهَا وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ طَرِيقِ الْفَحْوَى لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُنَافِ الصَّوْمَ إِدْخَالُ الطَّعَامِ فِي الْفَمِ وَتَطَعُّمُهُ وَتَقْرِيبُهُ مِنَ الِازْدِرَادِ لَمْ يُنَافِهِ إِيصَالُهُ الْمَاءَ إِلَى بَشَرَةِ الْجَسَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى قَوْلُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِمَعْنَاهُ وَوَقَعَ بَعْضُهُ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرَجِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَضْمَضَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُهُ وَقَالَ بن مَسْعُودٍ إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِادِّهَانَ مِنَ اللَّيْلِ يَقْتَضِي اسْتِصْحَابَ أَثَرِهِ فِي النَّهارِ وَهُوَ مِمَّا يُرَطِّبُ الدِّمَاغَ وَيُقَوِّي النَّفْسَ فَهُوَ أَبْلَغُ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِبَرْدِ الِاغْتِسَالِ لَحْظَةً مِنَ النَّهَارِ ثُمَّ يَذْهَبُ أَثَرُهُ قُلْتُ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ أُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الِاغْتِسَالِ لَعَلَّهُ سَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ اسْتِحْبَابِ التَّقَشُّفِ فِي الصِّيَامِ كَمَا وَرَدَ مِثْلُهُ فِي الْحَجِّ وَالِادِّهَانُ وَالتَّرَجُّلُ فِي مُخَالَفَةِ التقشف كالاغتسال وَقَالَ بن الْمُنِيرِ الْكَبِيرُ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ كَرِهَ الِاغْتِسَالَ لِلصَّائِمِ لِأَنَّهُ إِنْ كَرِهَهُ خَشْيَةَ وُصُولِ الْمَاءِ حَلْقَهُ فَالْعِلَّةُ بَاطِلَةٌ بِالْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ وَبِذَوْقِ الْقِدْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَرِهَهُ لِلرَّفَاهِيَةِ فَقَدِ اسْتَحَبَّ السَّلَفُ لِلصَّائِمِ التَّرَفُّهَ وَالتَّجَمُّلَ بِالتَّرَجُّلِ وَالِادِّهَانِ وَالْكُحْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ سَاقَ هَذِهِ الْآثَارَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَنَسٌ إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ الْأَبْزَنُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ بَعْدَهَا نُونٌ حَجَرٌ مَنْقُورٌ شَبَهُ الْحَوْضِ وَهِيَ كلمة فارسية وَلذَلِك لم يصرفهُ واتقحم فِيهِ أَيْ أَدْخُلُ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ لِي أَبْزَنَ إِذَا وَجَدْتُ الْحَرَّ تَقَحَّمْتُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ وَكَأَنَّ الْأَبْزَنَ كَانَ مَلْآنَ مَاءً فَكَانَ أَنَسٌ إِذَا وَجَدَ الْحَرَّ دَخَلَ فِيهِ يَتَبَرَّدُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالَ بن عمر يستاك أول النَّهَار وَآخره وَصله بن أبي شيبَة عَنهُ بِمَعْنَاهُ وَلَفظه كَانَ بن عُمَرَ يَسْتَاكُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرُوحَ إِلَى الظُّهْرِ وَهُوَ صَائِمٌ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ قَرِيبَةٌ مِمَّا تقدم فِي أثر بن عَبَّاسٍ فِي تَطَعُّمِ الْقِدْرِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَآخِرُهُ وَلَا يَبْلَعُ رِيقَهُ قَوْله وَقَالَ بن سِيرِينَ لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ قِيلَ لَهُ طَعْمٌ قَالَ وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَمْزَةَ الْمَازِنِيِّ قَالَ أَتَى بن سِيرِينَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا تَرَى فِي السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ إِنَّهُ جَرِيدٌ وَلَهُ طَعْمٌ قَالَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا أَمَّا أَنَسٌ فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاتِكَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَضَعَّفَهُ وَأَمَّا الْحَسَنُ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ يَزِيدَ سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ أَيَكْتَحِلُ الصَّائِمُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَجِدُ طَعْمَ الصَّبْرِ فِي حَلْقِي قَالَ لَيْسَ بِشَيْءٍ

الصفحة 154