كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

(قَوْلُهُ بَابُ سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ مَسْجِدُ الْجَامِعِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَابُ السِّوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ لِلصَّائِمِ الِاسْتِيَاكَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ كَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّعْبِيِّ وَقَدْ تقدم قبل بِبَاب قِيَاس بن سِيرِينَ السِّوَاكَ الرَّطْبَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي يُتَمَضْمَضُ بِهِ وَمِنْهُ تَظْهَرُ النُّكْتَةُ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ عُثْمَانَ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَقَالَ فِيهِ مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَائِمٍ وَمُفْطِرٍ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ وَصَلَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيه وَأخرجه بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ كُنْتُ لَا أُخْرِجُ حَدِيثَ عَاصِمٍ ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ قَدْ رَوَيَا عَنْهُ وَرَوَى يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْهُ خَبَرًا فِي غير الْمُوَطَّأ قلت وَضَعفه بن مَعِينٍ وَالذُّهْلِيُّ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ إِشْعَارُهُ بِمُلَازَمَةِ السِّوَاكِ وَلَمْ يَخُصَّ رَطْبًا مِنْ يَابِسٍ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ فِي أَنَّ الْمُطْلَقَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الْعُمُومِ أَوْ أَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي أَوَاخِرِ التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَخُصَّ صَائِمًا مِنْ غَيْرِهِ أَيْ وَلَمْ يَخُصَّ أَيْضًا رَطْبًا مِنْ يَابِسٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ جَمِيعِ مَا أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِلتَّرْجَمَةِ وَالْجَامِعُ لِذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إِبَاحَتَهُ فِي كُلِّ وَقت وعَلى كل حَال قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَخَذَ الْبُخَارِيُّ شَرْعِيَّةَ السِّوَاكِ للصَّائِم بِالدَّلِيلِ الْخَاص ثمَّ انتزعه من الْأَدِلَّةِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَنَاوَلَتْ أَحْوَالَ مُتَنَاوِلِ السِّوَاكِ وَأَحْوَالَ مَا يُسْتَاكُ بِهِ ثُمَّ انْتَزَعَ ذَلِكَ مِنْ أَعَمَّ مِنَ السِّوَاكِ وَهُوَ الْمَضْمَضَةُ إِذْ هِيَ أَبْلَغُ مِنَ السِّوَاكِ الرَّطْبِ قَوْلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَصَلَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ)

الصفحة 158