كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

(قَوْلُهُ بَابٌ إِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأُهْدِيَ لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدُ أَكَلَهُ)
كَذَا ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ فَجَعَلُوهُ مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهْ قَوْله وَلم ير بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا وَهُوَ فِي غَيْرِ الصَّيْدِ نَحْوَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ الْمُرَادُ بِالذَّبْحِ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ وَالْأَمْرُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ خَصَّصَهُ بِمَا ذَكَرَ تَفَقُّهًا فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ حُكْمَ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ حُكْمُ الْمَيْتَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ مَعَ الْحُرْمَةِ حَتَّى يَجُوزَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَبِهِ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأثر بن عَبَّاسٍ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَن بن عَبَّاسٍ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ جَزُورًا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَأما أثر أنس فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الصَّبَّاحِ الْبَجَلِيِّ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْمُحْرِمِ يَذْبَحُ قَالَ نَعَمْ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيِ الْمَذْبُوحُ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ تَفَقُّهًا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا الْخَيْلَ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمِنْ يُبِيحُ أكلهَا قَوْله يُقَال عدل مِثْلُ فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلُ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ أَمَّا تَفْسِيرُ الْعَدْلِ بِالْفَتْحِ بِالْمِثْلِ وَالْكَسْرِ بِالزِّنَةِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ الْعَدْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ هُوَ قَدْرُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ قَدْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ إِلَى أَنَّ الْعَدْلَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ عَدَلْتُ هَذَا بِهَذَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْعَدْلُ هُوَ الْقِسْطُ فِي الْحَقِّ وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ الْمِثْلُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الزَّكَاةِ قَوْلُهُ قِيَامًا قِوَامًا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَقَالَ الطَّبَرِيُّ أَصْلُهُ الْوَاوُ فَحُوِّلَتْ عَيْنُ الْفِعْلِ يَاءً كَمَا قَالُوا فِي الصَّوْمِ صُمْتُ صِيَامًا وَأَصْلُهُ صِوَامًا قَالَ الشَّاعِرُ قِيَامُ دُنْيَا وَقِوَامُ دِينٍ فَرَدَّهُ إِلَى أَصْلِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ فَالْمَعْنَى جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّئِيسِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ أَمْرُ أَتْبَاعِهِ يُقَالُ فُلَانٌ قِيَامُ الْبَيْتِ وَقِوَامُهُ الَّذِي يُقِيمُ شَأْنَهُمْ قَوْلُهُ يَعْدِلُونَ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَمُنَاسَبَةُ إِيرَادِهِ هُنَا ذِكْرُ لَفْظِ الْعَدْلِ فِي قَوْلِهِ أَو عدل ذَلِك صياما وَفِي قَوْلِهِ يَعْدِلُونَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا أَيْ مِثْلًا تَعَالَى اللَّهُ عَنْ

[1821] قَوْلِهِمْ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا

الصفحة 22