كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)
الْبر من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ لِلرَّجُلِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ وَكَانَتِ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بِأَهْلِيهِمْ فِي وَقْتِ الثِّمَارِ إِلَى الْبَسَاتِينِ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا أُعْطِيكَ بِخَرْصِ نَخْلَتِكَ تَمْرًا فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْ شَرْطِ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ إِلَّا مَعَ الْمُعْرِي خَاصَّةً لِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَالِكِ مِنَ الضَّرَرِ بِدُخُولِ حَائِطِهِ أَوْ لِيَدْفَعَ الضَّرَرَ عَنِ الْآخَرِ بِقِيَامِ صَاحِبِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْكَلَفِ وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَأَنْ يَكُونَ بِتَمْرٍ مُؤَجَّلٍ وَخَالَفَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الشَّرْطِ الْأَخِيرِ فَقَالَ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَوْلُهُ وَقَالَ بن إِدْرِيسَ الْعَرِيَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْكَيْلِ مِنَ التَّمْر يدا بيد وَلَا تكون بالجزاف بن إِدْرِيس هَذَا رجح بن التِّينِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ وَتَرَدَّدَ بن بَطَّالٍ ثُمَّ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَجَزَمَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ بِأَنَّهُ الشَّافِعِيُّ وَالَّذِي فِي الْأُمِّ لِلشَّافِعِيِّ وَذَكَرَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ عَنْهُ قَالَ الْعَرَايَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلَةِ فَأَكْثَرَ بِخَرْصِهِ مِنَ التَّمْرِ بِأَنْ يَخْرُصَ الرُّطَبَ ثُمَّ يُقَدِّرَ كَمْ يَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِخَرْصِهِ تَمْرًا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَسَدَ الْبَيْعُ انْتَهَى وَهَذَا وَإِنْ غَايَرَ مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ لَفْظًا فَهُوَ يُوَافِقُهُ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ مُحَصِّلَهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ جُزَافًا وَلَا نَسِيئَةً وَقَدْ جَاءَ عَنِ الشَّافِعِيِّ بِلَفْظٍ آخَرَ قَرَأْتُهُ بِخَطِّ أَبِي عَلَى الصَّدَفِيِّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ قَالَ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ وَلَا تُبْتَاعُ الْعَرِيَّةُ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنْ تُخْرَصَ الْعَرِيَّةُ كَمَا يُخْرَصُ الْمُعَشَّرُ فَيُقَالُ فِيهَا الْآنَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الرُّطَبِ فَإِذَا يَبِسَ كَانَ كَذَا وَكَذَا فَيَدْفَعُ مِنَ التَّمْرِ بِكَيْلِهِ خَرْصًا وَيَقْبِضُ النَّخْلَةَ بِثَمَرِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهَا فَسَدَ قَوْلُهُ وَمِمَّا يُقَوِّيهِ أَيْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ جُزَافًا قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِالْأَوْسُقِ الْمُوسِقَةِ وَقَوْلُ سَهْلٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ سَهْلٍ مَوْقُوفًا وَلَفْظُهُ لَا يُبَاعُ الثَّمر فِي رُؤُوس النَّخْلِ بِالْأَوْسَاقِ الْمُوسَقَةِ إِلَّا أَوْسُقًا ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ خَمْسَةً يَأْكُلُهَا النَّاسُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الشَّافِعِيِّ هُوَ شَرْطُ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَضَابِطُ الْعَرِيَّةِ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا بَيْعُ رُطَبٍ فِي نَخْلٍ يَكُونُ خَرْصُهُ إِذَا صَارَ تَمْرًا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِنَظِيرِهِ فِي الْكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ مَعَ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَالَ بن التِّينِ احْتِجَاجُ الْبُخَارِيُّ لِابْنِ إِدْرِيسَ بِقَوْلِ سَهْلٍ بِالْأَوْسُقِ الْمُوسَقَةِ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مُؤَجَّلَةً وَإِنَّمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ يَعْنِي الْآتِي قُلْتُ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَن مَجْمُوع مَا أوردهُ بعد قَول بن إِدْرِيس يُقَوي قَول بن إِدْرِيسَ ثُمَّ إِنَّ صُوَرَ الْعَرِيَّةِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِ حَائِطٍ بِعْنِي ثَمَرَ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فَيَخْرُصُهَا وَيَبِيعُهُ وَيَقْبِضُ مِنْهُ التَّمْرَ وَيُسَلِّمُ إِلَيْهِ النَّخَلَاتِ بِالتَّخْلِيَةِ فَيَنْتَفِعُ بِرُطَبِهَا وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِرَجُلٍ نَخَلَاتٍ أَوْ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ حَائِطِهِ ثُمَّ يَتَضَرَّرَ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَيَخْرُصَهَا وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ رُطَبَهَا بِقَدْرِ خَرْصِهِ بِتَمْرٍ يُعَجِّلُهُ لَهُ وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَهُ إِيَّاهَا فَيَتَضَرَّرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِانْتِظَارِ صَيْرُورَةِ الرُّطَبِ تَمْرًا وَلَا يُحِبُّ أَكْلَهَا رُطَبًا لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى التَّمْرِ فَيَبِيعَ ذَلِكَ الرُّطَبَ بِخَرْصِهِ مِنَ الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِتَمْرٍ يَأْخُذُهُ مُعَجَّلًا وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ تَمْرَ حَائِطِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً يُبْقِيَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِيَالِهِ وَهِيَ الَّتِي عفى لَهُ عَنْ خَرْصِهَا فِي الصَّدَقَةِ وَسُمِّيَتْ عَرَايَا لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ مِنْ أَنْ تُخْرَصَ فِي الصَّدَقَةِ فَرُخِّصَ لِأَهْلِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ لَا نَقْدَ لَهُمْ وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مَنْ تَمْرِ قُوتِهِمْ أَنْ يَبْتَاعُوا بِذَلِكَ التَّمْرِ مَنْ رُطَبِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ بِخَرْصِهَا وَمِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ عَرِيَّةٍ أَنْ يُعْرِيَ رَجُلًا تَمْرَ نَخَلَاتٍ يُبِيحُ لَهُ أَكْلَهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا وَهَذِهِ هِبَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَمِنْهَا أَنْ يُعْرِيَ عَامِلُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ مَنْ حَائِطِهِ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً لَا يَخْرُصُهَا فِي الصَّدَقَةِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنَ الْعَرَايَا لَا يَبِيعُ
الصفحة 391