كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

فِيهِ وَتَابَعَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ حُمَيْدٍ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ مَرْفُوعًا لِأَنَّ مَعَ الَّذِي رَفَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا عِنْدَ الَّذِي وَقَفَهُ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الَّذِي وَقَفَهُ مَا يَنْفِي قَوْلَ مَنْ رَفَعَهُ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَا يُقَوِّي رِوَايَةَ الرَّفْعِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَلَفْظُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا عَلَى وَضْعِ الْجَوَائِحِ فِي الثَّمَرِ يُشْتَرَى بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ ثُمَّ تُصِيبُهُ جَائِحَةٌ فَقَالَ مَالِكٌ يَضَعُ عَنْهُ الثُّلُثَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عَبِيدٍ يَضَعُ الْجَمِيعَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْكُوفِيُّونَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَقَالُوا إِنَّمَا وَرَدَ وَضْعُ الْجَائِحَةِ فِيمَا إِذَا بِيعَتِ الثَّمَرَةُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ عَلَى مَا قُيِّدَ بِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أُصِيبَ رَجُلٌ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ قَالَ فَلَمَّا لَمْ يَبْطُلْ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ بِذَهَابِ الثِّمَارِ وَفِيهِمْ بَاعَتُهَا وَلَمْ يُؤْخَذِ الثَّمَنُ مِنْهُمْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ أَيْ لَوْ تَلِفَ الثَّمَرُ لَانْتَفَى فِي مُقَابَلَتِهِ الْعِوَضُ فَكَيْفَ يَأْكُلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَفِيهِ إِجْرَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ تَطَرُّقَ التَّلَفِ إِلَى مَا بَدَا صَلَاحُهُ مُمْكِنٌ وَعَدَمُ التَّطَرُّقِ إِلَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مُمْكِنٌ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِالْغَالِبِ فِي الْحَالَتَيْنِ

[2199] قَوْلُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ إِلَخْ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ بِهَذَا وَأَتَمَّ مِنْهُ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ اسْتِنْبَاطِ الزُّهْرِيِّ للْحكم المترجم بِهِ من الحَدِيث

(قَوْلُهُ بَابُ شِرَاءِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي شِرَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الرَّهْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 399