كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

[2219] قَوْله عَن سعد أَي بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَوْلُهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لِصُهَيْبٍ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُدْعَ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ كَانَ صُهَيْب يَقُول إِنَّه بن سِنَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ عُقَيْلٍ وَيَسُوقُ نَسَبًا يَنْتَهِي إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ وَأَنَّ أُمَّهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَكَانَ لِسَانُهُ أَعْجَمِيًّا لِأَنَّهُ رُبِّيَ بَيْنَ الرُّومِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ لِسَانُهُمْ وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنِ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ مَا وَجَدْتُ عَلَيْكَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ اكْتَنَيْتَ أَبَا يَحْيَى وَأَنَّكَ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا وَتُدْعَى إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ فَقَالَ أَمَّا الْكُنْيَةُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّانِي وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَأما النّسَب فَلَو كنت من رَوْثَة لَا نتسبت إِلَيْهَا وَلَكِنْ كَانَ الْعَرَبُ يَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَسَبَانِي نَاسٌ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُ مَوْلِدِي وَأَهْلِي فَبَاعُونِي فَأَخَذْتُ بِلِسَانِهِمْ يَعْنِي لِسَانَ الرُّومِ وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا وَأحمد وَأَبُو يعلى وبن سَعْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى وَيَقُولُ إِنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ وَيُطْعِمُ الْكَثِيرَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّانِي وَإِنِّي رَجُلٌ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ مِنْ أَهْلِ الْمُوصِلِ وَلَكِنْ سَبَتْنِي الرُّومُ غُلَامًا صَغِيرًا بَعْدَ أَنْ عَقَلْتُ قَوْمِي وَعَرَفْتُ نَسَبِي وَأَمَّا الطَّعَامُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى صُهَيْبٍ فَلَمَّا رَآهُ صُهَيْبٌ قَالَ يَا نَاسُ يَا نَاسُ فَقَالَ عمر مَاله يَدْعُو النَّاسَ فَقِيلَ إِنَّمَا يَدْعُو غُلَامَهُ يُحَنَّسَ فَقَالَ يَا صُهَيْبُ مَا فِيكَ شَيْءٌ أَعِيبُهُ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ وَأَمَا انْتِسَابِي إِلَى الْعَرَبِ فَإِنَّ الرُّومَ سَبَتْنِي وَأَنَا صَغِيرٌ وَإِنِّي لَأَذْكُرُ أَهْلَ بَيْتِي وَلَوْ أَنِّي انفلقت عَن رَوْثَة لَا نتسبت إِلَيْهَا فَهَذِهِ طُرُقٌ تَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَلَعَلَّهُ اتَّفَقَتْ لَهُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ مرّة بَينه وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اخْتِلَاف السِّيَاق رباعها حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنْ وُقُوعِ الصَّدَقَةِ وَالْعَتَاقَةِ مِنَ الْمُشْرِكِ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ صِحَّةَ مِلْكِ الْمُشْرِكِ إِذْ صِحَّةُ الْعِتْقِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى صِحَّةِ الْمِلْكِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ أَتَحَنَّثُ هَلْ هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوِ الْمُثَنَّاةِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ رَوَى هُنَا أَتَحَبَّبُ بِمُوَحَّدَتَيْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَنْسُبَهَا لِقَائِلِهَا

(قَوْلُهُ بَابُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ)
أَيْ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا أَمْ لَا أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ جَوَازَ الْبَيْعِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّ كُلَّ مَا ينْتَفع بِهِ يَصح بَيْعه ومالا فَلَا وَبِهَذَا يُجَابُ عَنِ اعْتِرَاضِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي أَوْرَدَهُ تَعَرُّضٌ لِلْبَيْعِ وَالِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ مُطْلَقًا قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ الزُّهْرِيِّ وَكَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ وَحُجَّتُهُ مَفْهُومُ

[2221] قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا عَدَا أَكْلَهَا مُبَاحٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 413