كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

(قَوْلُهُ بَابُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ)
أَيْ الَّذِي عَلَّقَ مَالِكُهُ عِتْقَهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ أَوْ لِأَنَّ فَاعِلَهُ دَبَّرَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ أَمَّا دُنْيَاهُ فَبِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَأَمَّا آخِرَتُهُ فَبِتَحْصِيلِ ثَوَابِ الْعِتْقِ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّظَرِ فِي الْعَاقِبَةِ فَيَرْجِعُ إِلَى دُبُرِ الْأَمْرِ وَهُوَ آخِرُهُ وَقَدْ أَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَضَرَبَ عَلَيْهَا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ وَصَارَتْ أَحَادِيثُهَا دَاخِلَةً فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَتَوْجِيهُهَا وَاضِحٌ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ طَرِيقَيْنِ الْأَوَّلُ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ

[2230] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ بن أبي خَالِد وَعَطَاء هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ إِسْمَاعِيلُ وَسَلَمَةُ وَعَطَاءٌ فَإِسْمَاعِيلُ وَسَلَمَةُ قَرِينَانِ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَعَطَاءٌ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ قَوْلُهُ بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدبر هَكَذَا أوردهُ مُخْتَصرا وَأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ كَذَلِكَ لَكِنْ زَادَ عَنْ سُفْيَانَ وَإِسْمَاعِيلَ جَمِيعًا عَنْ سَلَمَةَ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ وَكِيعٍ وَلَفْظُهُ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ المُصَنّف فِي الْأَحْكَام عَن بن نُمَيْرٍ شَيْخِهِ فِيهِ هُنَا لَكِنْ قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ بَدَلَ وَكِيعٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَلَفْظُهُ بَلَغَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَيْعُ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَقَالَ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَبَّرًا مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَذْكُورٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ يَعْقُوبُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَدَعَا بِهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَطَاءٍ بِلَفْظِ إِنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَفَادَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَبَبَ بَيْعِهِ وَهُوَ الِاحْتِيَاج إِلَى ثمنه وَفِي رِوَايَة بن خَلَّادٍ زِيَادَةٌ فِي تَفْسِيرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ الدَّيْنُ فَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ

الصفحة 421