كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

مَالِهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ لَا رَقَبَتَهُ وَاحْتج بِمَا رَوَاهُ بن فُضَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ إِذْ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي وَقَعَ فِي قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ كَانَ فِي مَنْفَعَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي بَيْعِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّانِي وَأَوْرَدَهُ هُنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عُمُومُ الْأَمْرِ بِبَيْعِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَيَشْمَلُ مَا إِذَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُدَبَّرَةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ فَلَا يحْتَاج إِلَى اعتذار

(قَوْلُهُ بَابٌ هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا)
هَكَذَا قَيَّدَ بِالسَّفَرِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ غَالِبًا قَوْلُهُ وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنهُ قَالَ وَكَانَ بن سِيرِينَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ يُصِيبُ مَا دُونَ الْفَرْجِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ قَوْلُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ فِي المسبية صَوَاب وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بَيْنَ المسبية وَغَيرهَا قَوْله وَقَالَ بن عُمَرَ إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عُتِقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ وَلَا تستبرأ الْعَذْرَاء أما قَوْله الأول فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَكَارَةَ تَمْنَعُ الْحَمْلَ أَوْ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ الْوَطْءِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَفِي الِاسْتِبْرَاءِ شَائِبَةُ تَعَبُّدٍ وَلِهَذَا تُسْتَبْرَأُ الَّتِي أَيِسَتْ مِنَ الْحَيْضِ قَوْلُهُ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا ملكت أَيْمَانهم قَالَ بن التِّينِ إِنْ أَرَادَ عَطَاءٌ بِالْحَامِلِ مَنْ حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يُرْتَابُ فِي حِلِّهِ وَإِنْ أَرَادَ مِنْ غَيْرِهِ فَفِيهِ خلاف

الصفحة 423