كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

حَدِيث أبي هُرَيْرَة

(قَوْلُهُ بَابٌ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ)
بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ قِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الِاصْطِيَادِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْرُمُ التَّنْفِيرُ وَهُوَ الْإِزْعَاجُ عَنْ مَوْضِعِهِ فَإِنْ نَفَّرَهُ عَصَى سَوَاءٌ تَلِفَ أَولا فَإِنْ تَلِفَ فِي نِفَارِهِ قَبْلَ سُكُونِهِ ضُمِنَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَفَادُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّنْفِيرِ تَحْرِيمُ الْإِتْلَافِ بِالْأَوْلَى

[1833] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ الثَّقَفِيُّ وَخَالِدٌ هُوَ الْحَذَّاءُ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَلَا تَحِلَّ وَهُوَ أَلْيَقُ بِقَصْدِ الْأَمْرِ الْآتِي وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ بِلَفْظِ وَأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ بِلَفْظِ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَمِثْلُهُ لِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ خَالِدٍ قَالَ بن بَطَّالٍ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي الْإِخْبَارُ عَنِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ لَا الْإِخْبَارُ بِمَا سَيَقَعُ لِوُقُوعِ خِلَافِ ذَلِكَ فِي الشَّاهِدِ كَمَا وَقَعَ مِنَ الْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي فَإِنَّهُ خَبَرٌ مَحْضٌ أَوْ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي أَيْ لَا يُحِلُّهَا اللَّهُ بَعْدِي لِأَنَّ النَّسْخَ يَنْقَطِعُ بَعْدَهُ لِكَوْنِهِ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ قَوْلُهُ وَعَنْ خَالِدٍ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ بِأَوْضَحَ مِمَّا هُنَا قَوْلُهُ هَلْ تَدْرِي مَا لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا إِلَخْ قِيلَ نَبَّهَ عِكْرِمَةُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْإِتْلَافِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْأَذَى تَنْبِيهًا بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى وَقَدْ خَالَفَ عِكْرِمَةَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ فَقَالَا لَا بَأْسَ بِطَرْدِهِ مَا لم يفض إِلَى قَتله أخرجه بن أبي شيبَة وروى بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ حَمَامًا كَانَ عَلَى الْبَيْتِ فَذَرَقَ عَلَى يَدِ عُمَرَ فَأَشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَطَارَ فَوَقَعَ عَلَى بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ فَجَاءَتْ حَيَّةٌ فَأَكَلَتْهُ فَحَكَمَ عُمَرُ عَلَى نَفْسِهِ بِشَاةٍ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عُثْمَان نَحوه

الصفحة 46