كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَصَائِصِ وَقَدْ تَرْجَمَ فِي النِّكَاحِ بَابَ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمُرَادُهُ بِالنِّكَاحِ التَّزْوِيجُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إِفْسَادِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِالْجِمَاعِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ فَالْمَشْهُور عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَاءَ عَنْ مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مِثْلُهُ وَأَنَّهُ كَانَ الرَّسُولَ إِلَيْهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتلف الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِأَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي الْوَاقِعَةِ كَيْفَ كَانَتْ وَلَا تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْخُصُوصِيَّةَ فَكَانَ الْحَدِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى بِأَنْ يُؤْخَذَ بِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ لِلْوَطْءِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُعَارَضَةِ السُّنَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ حَدِيثَ عُثْمَانَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَطْءُ فَمُتَعَقَّبٌ بِالتَّصْرِيحِ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُنْكِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِقَوْلِهِ فِيهِ وَلَا يخْطب

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُنْهَى أَيْ عَنْهُ مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ)
أَيْ أَنَّهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ هَلْ تُعَدُّ طِيبًا أَوْ لَا وَالْحِكْمَةُ فِي مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِنَ الطِّيبِ أَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ الَّتِي تُفْسِدُ الْإِحْرَامَ وَبِأَنَّهُ يُنَافِي حَالَ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ قَوْلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَا تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ الْمُحْرِمَةُ تَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا شَاءَتْ

الصفحة 52