كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

النَّذْرِ وَقِيلَ يُجْزِئُ عَنِ النَّذْرِ ثُمَّ يَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهُمَا قَوْلُهُ قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ سَلمَة أفيجزىء عَنْهَا أَنْ أَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَوْلُهُ أَرَأَيْتَ إِلَخْ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِيَاسِ وَضَرْبُ الْمَثَلِ لِيَكُونَ أَوْضَحَ وَأَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ وَأَقْرَبَ إِلَى سُرْعَةِ فَهْمِهِ وَفِيهِ تَشْبِيهُ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ وَأَشْكَلَ بِمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُفْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى وَجْهِ الدَّلِيلِ إِذَا تَرَتَّبَتْ عَلَى ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَهُوَ أَطْيَبُ لِنَفْسِ الْمُسْتَفْتِي وَأَدْعَى لِإِذْعَانِهِ وَفِيهِ أَنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ الْمَالِيِّ عَنِ الْمَيِّتِ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ مُقَرَّرًا وَلِهَذَا حَسُنَ الْإِلْحَاقُ بِهِ وَفِيهِ إِجْزَاءُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وَغَيره عَن بن عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَنَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَعَنْ مَالِكٍ أَيْضًا إِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ فَلْيَحُجَّ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَوْلُهُ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى الدَّيْنِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ قَاضِيَةً بِوَزْنِ فَاعِلَةٍ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُجَهِّزَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ دُيُونِهِ فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دَيْنَ الْآدَمِيِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ مَا شُبِّهَ بِهِ فِي الْقَضَاءِ وَيَلْتَحِقُ بِالْحَجِّ كُلُّ حَقٍّ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ خَلَّفَ مَالًا فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ حَقَّ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْعِبَادِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحَجَّ عَنْهُ وَالْجَامِعُ عِلَّةُ الْمَالِيَّةِ قُلْتُ وَلَمْ يَتَحَتَّمْ فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ خَلَّفَ مَالًا كَمَا زَعَمَ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِمَّا خَلَّفَهُ أَوْ تَبَرُّعًا

(قَوْلُهُ بَابُ الْحَجِّ عَمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ)
أَيْ مِنَ الْأَحْيَاءِ خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَلِمَنْ قَالَ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَن أحد مُطلقًا كَابْن عمر وَنقل بن الْمُنْذر وَغَيره الْإِجْمَاع على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ فِي الْحَجِّ الْوَاجِبِ وَأَمَّا النَّفْلُ فَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ

[1853] قَوْله عَن بن شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيق روح عَن بن جريج أَخْبرنِي بن شِهَابٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ قَوْلُهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ كَذَا قَالَ بن جُرَيْجٍ وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَخَالَفَهُمَا مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ عَنِ الْفَضْلِ وروى بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كُرَيْبٍ عَنْ أَبِيه عَن بن عَبَّاس أَخْبرنِي

الصفحة 66