كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

(قَوْلُهُ بَابُ حَجِّ الصِّبْيَانِ)
أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ الصَّرِيحَ فِيهِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبٍ عَن بن عَبَّاس قَالَ رفعت امْرَأَة صَبيا لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نعم وَلَك أجر قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا حُجَّ بِهِ كَانَ لَهُ تَطَوُّعًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ إِحْرَامُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا يُحَجُّ بِهِ عَلَى جِهَةِ التَّدْرِيبِ وَشَذَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ نَعَمْ فِي جَوَابِ أَلِهَذَا حَجٌّ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِذَلِكَ بَلْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زعم أَنه لَا حج لَهُ لِأَن بن عَبَّاسٍ رَاوِي الْحَدِيثِ قَالَ أَيُّمَا غُلَامٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ثُمَّ سَاقَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثّقل بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف وَيجوز اسكانها أَي الامتعة وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ هُنَا أَن بن عَبَّاسٍ كَانَ دُونَ الْبُلُوغِ وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ أَرْدَفَهُ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِهِ الْآخَرِ الْمُصَرِّحِ فِيهِ بِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ قَدْ قَارَبَ الِاحْتِلَامَ ثُمَّ بَيَّنَ بِالطَّرِيقِ الْمُعَلَّقَةِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ مِنْ كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِي بَاب ستْرَة الْمُصَلِّي من كتاب الصَّلَاة وَقَوله

[1857] فِيهِ حَدثنَا إِسْحَاق نسبه الْأصيلِيّ وبن السكن بن مَنْصُورٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يَعْقُوبَ أَيْضًا وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج لَكِن يرجح كَونه بن مَنْصُور أَن بن رَاهْوَيْهِ لَا يُعَبِّرُ عَنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا بِصِيغَةِ أَخْبَرَنَا وَرِوَايَةُ يُونُسَ الْمُعَلَّقَةُ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْحَدِيثَ وَهُوَ الثَّانِي الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

الصفحة 71