كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ ثِقَةٌ وَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ وَبِغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَحَلَّلَ بِالْإِحْصَارِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَحَلَّلَ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بعد بَابَيْنِ أَن شَاءَ الله تَعَالَى
(

قَوْله بَاب الْإِحْصَار فِي الْحَج)
قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي الْعُمْرَةِ فَقَاسَ الْعُلَمَاءُ الْحَجَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مِنَ الْإِلْحَاقِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْأَقْيِسَةِ قُلْتُ وَهَذَا يَنْبَنِي على أَن مُرَاد بن عُمَرَ بِقَوْلِهِ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ قِيَاسُ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْإِحْصَارُ وَهُوَ حَاجٌّ عَلَى مَنْ يَحْصُلُ لَهُ فِي الِاعْتِمَارِ لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْإِحْصَارُ عَنِ الْعمرَة وَيحْتَمل أَن يكون بن عُمَرَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَبِمَا بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يحصل لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ حَاجٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1810] قَوْلُهُ أخبرنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ وَقَدْ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنْ قَالَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ فَكَانَ بن الْمُبَارَكِ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ يُونُسَ وَتَارَةً عَنْ مَعْمَرٍ وَلَيْسَ هُوَ بِمُعَلَّقٍ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كريب عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ وَيَقُولُ أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ منيع وَغَيره كلهم عَن بن الْمُبَارَكِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ عَنْهُ عَنْ مَعْمَرٍ مُقْتَصِرًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِتَمَامِهِ وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ وَأما إِنْكَار بن عُمَرَ الِاشْتِرَاطَ فَثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ حُذِفَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي كريب عَن بن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيق بن وهب عَن يُونُس وَأَشَارَ بن عُمَرَ بِإِنْكَارِ الِاشْتِرَاطِ إِلَى مَا كَانَ يُفْتِي بِهِ بن عَبَّاس قَالَ الْبَيْهَقِيّ لَو بلغ بن عُمَرَ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ لَقَالَ بِهِ وَقد أخرجه الشَّافِعِي عَن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ أَمَا تُرِيدِينَ الْحَجَّ فَقَالَتْ إِنِّي شَاكِيَةٌ فَقَالَ لَهَا حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ عُرْوَةَ لَمْ أَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدِي خِلَافُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ

الصفحة 8