كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 4)

حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ كَذَلِكَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ عُرْوَةُ ثُمَّ لَقِيتُ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ اخْتِلَافًا آخَرَ فَقَالَ وُهَيْبٌ وَجَمَاعَةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ بن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْغَوْثِ وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَلَى الصَّوَابِ وَرَوَاهُ أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ جَرِيرٍ فَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ أَبِي قِلَابَةَ كَأَنَّهُ عَرَفَ خَطَأَ جَرِيرٍ فَكَنَّى عَنْهُ وَاسْمُ أَبِي زُهَيْرٍ الْقَرِدُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَقِيلَ نُمَيْرٌ وَهُوَ الشَّنُوئِيُّ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ وَبَعْدَ الْوَاوِ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَفِي النَّسَبِ كَذَلِكَ وَقِيلَ بِفَتْحِ النُّونِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ بِلَا وَاوٍ وَشَنُوءَةُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَضْرِ بْنِ الْأَزْدِ وَسُمِّيَ شَنُوءَةَ لِشَنَآنٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قومه قَوْله تفتح الْيمن قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ افْتُتِحَتِ الْيَمَنُ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَافْتُتِحَتِ الشَّامُ بَعْدَهَا وَالْعِرَاقُ بَعْدَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَى وَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى تَرْتِيبِهِ وَوَقَعَ تَفَرُّقُ النَّاسِ فِي الْبِلَادِ لِمَا فِيهَا مِنَ السَّعَةِ وَالرَّخَاءِ وَلَوْ صَبَرُوا عَلَى الْإِقَامَةِ بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْبِقَاعِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ لِلْمَدِينَةِ فَضْلًا عَلَى غَيْرِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ قَوْلُهُ يَبُسُّونَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا مِنْ بس يبس قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِكَسْر الْمُوَحدَة وَقيل أَن بن الْقَاسِمِ رَوَاهُ بِضَمِّهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ يَسُوقُونَ دَوَابَّهُمْ وَالْبَسُّ سَوْقُ الْإِبِلِ تَقُولُ بِسْ بِسْ عِنْدَ السَّوْقِ وَإِرَادَةِ السُّرْعَةِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ يزجرون دوابهم فيبسون مَا يطؤونه مِنَ الْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ السَّيْرِ فَيَصِيرُ غُبَارًا قَالَ تَعَالَى وبست الْجبَال بسا أَيْ سَالَتْ سَيْلًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ سَارَتْ سَيْرًا وَقَالَ بن الْقَاسِمِ الْبَسُّ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَتِّ وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّقِيقِ الْمَصْنُوعِ بِالدُّهْنِ بَسِيسٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ وَقَالَ أَنه ضَعِيف أَو بَاطِل قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ مَعْنَى يَبُسُّونَ يَسْأَلُونَ عَنِ الْبِلَادِ وَيَسْتَقْرِئُونَ أَخْبَارَهَا لِيَسِيرُوا إِلَيْهَا قَالَ وَهَذَا لَا يَكَادُ يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لِأَهْلِهِمُ الْبِلَادَ الَّتِي تُفْتَحُ وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى سُكْنَاهَا فَيَتَحَمَّلُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ رَاحِلِينَ إِلَيْهَا وَيَشْهَدُ لِهَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ بن عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُم

الصفحة 92