كتاب فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير للرافعي (اسم الجزء: 4)
كان بين اسنانه شئ أو نزلت نخامة من رأسه فابتلعها عمدا بطلت صلاته هذا ظاهر المذهب وهو الذى ذكره في الكتاب فقال فقليله مبطل وليكن معلما بالواو لان صاحب التتمة حكى في القليل وجها انه لا يبطل كالقليل من سائر الافعال ثم الحكم بالبطلان فيما إذا اكل عمدا اما لو كان مغلوبا كما لو جرى الريق بباقي الطعام أو نزلت النخامة ولم يمكنه امساكها لم تبطل صلاته ولو اكل ناسيا أو جاهلا بالتحريم فان كان قليلا لم تبطل وان كان كثيرا فوجهان اصحهما البطلان هكذا ذكره الائمة وجعلوه كالكلام في الصلاة ناسيا والاكل في الصوم ناسيا ولم يجعلوه كسائر الافعال في الصلاة إذ الجمهور علي أن الفعل لا فرق فيه بين العمد والسهو علي ما تقدم واعلم انه لا يعنى بالقليل ههنا ما بقابل الكثير بالمعنى الذى ذكره في الافعال لان تفسير الكثير ثم ما يخيل الي الناظر الاعراض عن الصلاة فالقليل المقابل له ما لا يخيل والاكل أي قدر كان يخيل الاعراض فيكون كثيرا بذلك التفسير
بكل حال وانما المراد من القليل والكثير ههنا ما يعده أهل العرف قليلا وكثيرا ولو وصل شئ الي جوفه من غير ان يفعل فعلا من ابتلاع ومضغ كما لو وضع في فمه سكرة كانت تذوب وتسوغ ففى بطلان صلاته وجهان احدهما وبه قال الشيخ أبو حامد لا تبطل صلاته لانه لم يوجد منه مضغ وازدراد وهذا ذهاب إلى ان الاكل انما يبطل لما فيه من العمل وقضيته ان لا يبطل القليل منه كما حكاه صاحب التتمة واظهرهما انها تبطل ويعبر عنه بان الامساك شرط في الصلاة كما يشترط الانكفاف عن الافعال وعن مخاطبة الآدميين ليكون حاضر الذهن راجعا إلى الله تعالي وحده تاركا للعادات فعلي هذا تبطل الصلاة بكل ما يبطل به الصوم وقوله كامتصاص سكرة من غير مصغ ينبغي ان يعرف ان الامتصاص لا اثر له بل متى كانت في فمه وهى تذوب وتصل الي جوفه يحصل الخلاف وان لم يكن امتصاص وانما قال من غير مضغ لان المضغ فعل من الافعال يبطل الكثير منه وان لم يصل شى الي الجوف حتى لو كان يمضغ علكا في فمه بطلت صلاته وان لم يمضغه وكان جديدا فهو كالسكرة وان كان مستعملا لم تبطل صلاته كما لو أمسك في فمه اجاصة ونحوها