كتاب فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير للرافعي (اسم الجزء: 4)

فلذلك قلنا بالصحة وهذا إذا كان الحيوان المحمول طاهر المنفذ فان لم يكن فهو جزء طاهر تنجس بما يخرج من النجاسة فهل تصح الصلاة فيه وجهان (أظهرهما) عند المصنف أنها تصح ولا مبالاة بذلك القدر اليسير (والثاني) لا تصح كما لو كان جزء آخر منه نجسا وهذا أظهر عند امام الحرمين ولم يورد في التتمة سواه والوجهان جاريان فيما لو وقع هذا الحيوان في ماء قليل أو مائع آخر وخرج حيا هل يحكم بنجاسته لنجاسة المنفذ لكن الظاهر ثم العفو لان الحمل لا تعرض الحاجة إليه الا علي سبيل الندور وصيانة الماء وسائر المائعات
عنها مما يشق وأيضا فان الطيور لم تزل تغوص في المياه الكثيرة والقليلة وكان الاولون لا يحترزون عنها ولو حمل بيضة صار حشوها دما وظاهرها طاهر ففى صلاته وجهان حكاهما القفال وغيره (أحدهما) تصح صلاته كما لو حمل حيوانا طاهر الظاهر لان النجاسة في الصورتين مستترة خلقة (وأظهرهما) أنها لا تصح كالنجاسات الطاهرة إذا حملها بخلاف باطن الحيوان لان للحيوان اثرا في درء النجاسات الا ترى انها إذا زالت نجس جميع الاجزاء وأما البيضة فهي جماد ويجرى هذا الخلاف فيما إذا حمل عنقودا استحال باطن حباته خمرا ولا رشح على ظاهرها وكذلك في كل استتار خلقي ولو حمل قارورة مصممة الرأس بصفر ونحوها وفيها نجاسة فظاهر المذهب وهو المذكور في الكتاب ان صلاته تبطل لان الاستتار ههنا ليس بخلقي بخلاف البيضة والحيوان وعن أبي على بن أبي هريرة أنها تصح لان النجاسة باطنة لا يخرج منها شئ فاشبهت ما في البيضة وباطن الحيوان ولو حمل حيوانا مذبوحا بعد غسل الدم عن موضع الذبح فالذي قاله الائمة أن الصلاة باطلة بخلاف الحمل في حال الحياة ولم يذكروا ههنا الخلاف المذكور في البيضة ونحوها وذلك جواب منهم علي ظاهر المذهب والا فالنجاسة مستترة ههنا أيضا خلقة ويجوز أن يجعل منافذ الحيوان فارقا والله أعلم وقوله في مسألة حمل الطير لانها مستترة خلقة ظاهر اللفظ انما هو التعليل بمجرد الاستتار خلقة ولو كان كذلك لوجب ان لا يقع التردد في البيضة لوجود العلة لكن في الحيوان وجد امران الاستتار الخلقي وكونه في باطن الحيوان فكأن بعضهم جعل العلة مجموع الامرين ومنع من حمل البيضة وبعضهم اكتفى بالوصف الاول وجوز حمل البيضة فإذا قوله لانها مستترة خلقة اشارة الي الوصف الذى لابد منه ثم يبقى الكلام في انه مؤثر وحده أو مع شئ آخر وأراد بالبيضة المذكورة التى صار حشوها دما والا فهي كالمح المنتن وهو طاهر وقوله القارورة المصممة الرأس

الصفحة 41