كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 4)

بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء) وقال: (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم ينقص ما بيده، وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يرفع ويخفض " (¬1) أخرجه البخاري ومسلم، وفي الباب أحاديث.
(وليزيدن) اللام هي لام القسم أي والله ليزيدن (كثيراً منهم) من علماء اليهود والنصارى ورؤسائهم (ما أنزل إليك) من القرآن المشتمل على هذه الأحكام الحسنة (من ربك طغياناً) إلى طغيانهم (وكفراً) إلى كفرهم، عن قتادة قال حملهم حسد محمد - صلى الله عليه وسلم - والعرب على أن تركوا القرآن وكفروا بمحمد ودينه، وهم يجدونه مكتوباً عندهم.
(وألقينا بينهم) أي بين طوائف اليهود (العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) فإن بعضهم جبرية وبعضهم قدرية وبعضهم مرجئة وبعضهم مشبهة أو بين اليهود والنصارى فهم فرق كالملكانية والنسطورية واليعقوبية والماروانية.
لا يقال أن هذا المعنى حاصل بين السلمين أيضاً فكيف يكون عيباً عليهم لا على المسلمين لأنا نقول: إن هذه البدع والافتراق لم يكن شيء منها حاصلا بينهم في الصدر الأول، وإنما حدثت بعد عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحسن جعل ذلك عيباً عليهم في ذلك العصر الذي نزل فيه القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو حيان: العداوة أخص من البغضاء لأن كل عدو مبغض وقد يبغض من ليس بعدو، قاله الكرخي.
(كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله) أي: كلما جمعوا للحرب جمعاً
¬_________
(¬1) البخاري كتاب التفسير سورة 11 - مسلم الباب 37 من كتاب الزكاة.

الصفحة 14